بقلم فاروق جويدة
هذه ليست أغنية وطنية في حب مصر..لأنني لا اصدق الأغانى الجديدة ومازلت أعيش في الغناء القديم لأنه الأصدق، ولأننا كنا بالفعل نحب المحروسة ونخاف عليها ولا نسمح لأحد ان يلمس ثيابها الخضراء.. ولكن السؤال من فينا تغير هل المصريون أم الوطن. إن الشىء المؤكد أن الأوطان لا تتغير لأن الأرض واحدة..والبحار واحدة والأنهار تجرى بأمر ربها. إن هذا يعنى أن الناس هى التى تغيرت..حين تتغير الأخلاق يفسد كل شىء ينتشر اللصوص ويصعدون إلى أعلى المراتب..تموت الضمائر ويأكل الإنسان لحم أخيه ميتا وينقسم المجتمع على نفسه أغنياء بلا رحمة وفقراء بلا حساب. وحين تتراجع هذه الثلاثية ولا تجد لنفسها مكانا بين الناس ينتشر الظلام ويعم الفساد..إن ثلاثية الأخلاق والضمير والرحمة هى التى تقوم عليها العلاقات بين البشر..كنا نحب مصر أكثر هذه حقيقة كانت أخلاقنا أنبل هذا واقع قديم كانت ضمائرنا أكثر نقاء وترفعا وكان الإنسان المصرى رحيما بكل ما حوله..ومنذ انقلبت المنظومة وتغيرت القلوب شاعت الفوضى ودبت الخلافات وانقسمنا على أنفسنا في كل شىء.. اختلفنا في الدين وهو واحد وانقسمنا على الأخلاق وابتعدنا عن الضمائر..وقد يكون السؤال هل من طريق لكى يعود النهر إلى مجراه؟ هل من سبيل أن نحب مصر بدون أغان وطنية ركيكة وكلام ساذج لا يسمن ولا يغنى من جوع.. كيف نستعيد حبها الذى ضاع من قلوبنا..يكفى أن ترى صفحة الحوادث وما يجرى من دماء بريئة على أرصفة الشوارع يكفى أن تقرأ جرائم نهب المال العالم والرشاوى بين المسئولين وأجهزة الرقابة تطاردهم كالفئران في الجحور وهم يسرقون القمح من خزائن المال.. يكفى ان ترى الفوضى والاعتداء على قدسية القوانين وهيبة الدولة..لكى تعود مصر التى كانت. مطلوب منظومة للأخلاق تعيد لهذا الشعب إحساسه بقيمة وطن ينتسب إليه..مطلوب إحياء للضمائر التى حصلت على اجازة وتركت المجال واسعا للسماسرة والتجار..مطلوب مظلة تحمينا من أشباح الظلم اسمها الرحمة ان يرحم القوى الضعيف وان يرحم القادر من لا يملك شيئا وأن يأخذ المبصر بيد الأعمى وان ندرك أن الحب هو الذى جعل من هذا الوطن شيئا عظيما.