بقلم : فاروق جويدة
أخطر ما تواجه شعوب العالم اليوم هو أن تصير الحياة بلا قوانين، وأن تسقط موازين العدالة، ويصبح القتل شريعة البشر .. وما حدث فى غزة ولبنان يؤكد أن العالم أصبح غابة، من حق الأقوياء أن يفعلوا ما يشاءون دون محاسبة .. إن سقوط منظومة العدالة جريمة كونية، لأنه وضع المنظمات الدولية والقوانين والعلاقات بين البشر فى حالة غياب كامل، فعادت شعوب العالم تدمر بعضها بعضًا، وسادت منظومة القتل بصورة تهدد مستقبل البشر جميعًا .. إن أسوأ ما شهده العالم أن أمريكا، القوة العظمى، كانت وراء تصفية دور مؤسسات العدالة فى مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية، وإيقاف عشرات القرارات التى أدانت الإبادة الجماعية للشعب الفلسطينى، وتركت إسرائيل تمارس كل أنواع القتل دون حساب أو إدانة .. إن أمريكا دمرت كل ما وصلت إليه البشرية من قوانين العدالة وحقوق الإنسان .. إن أخطر ما حدث بعد تدمير غزة هو تدمير ثوابت إنسانية قضى العالم آلاف السنين للوصول إليها .. لم يعد أمام إنسان هذا العصر إلا أن يستخدم ما لديه من عناصر القوة ليواجه طواغيت العصر .. لم تعد القوانين تحكم أحوال البشر ، بل فرض طواغيت العصر واقعًا جديدًا استباح حقوق الشعوب وأمنها، وعلى العالم الآن أن يدفع الثمن قتلا وإرهابًا ودمارًا .. نحن أمام مستقبل جديد ، حيث توضع القوة فوق كل القوانين والشرائع .. إن دمار غزة وقتل شعبها، وما حدث فى لبنان من جرائم وحشية فى ظل صمت أعمى وعدالة غائبة وإنسانية مات ضميرها، كلها جرائم سيدفع العالم ثمنها.