بقلم فاروق جويدة
سامح الله وائل الابراشى وهو يتلقى اتصالا من إحدى الأمهات تقسم له وهى تبكى ان أبناءها الثلاثة ناموا من غير عشاء وان زوجها بلا عمل ولا تجد ما يوفر لهم رغيف الخبز..إن مجتمعا تعيش فيه مثل هذه المرأة لا يستحق رحمة السماء..هذا المجتمع الذى يقيم الأعراس والأفراح من دم هذه السيدة فى عواصم أوروبا وفنادق العشرة نجوم ويتباكى على وقف استيراد الكافيار والشمبانيا ويدفع ملايين الجنيهات فى الفن الهابط ومسلسلات الدعارة..هذه السيدة سوف تقف أمام الخالق يوما وتشكو له وسوف يكون العقاب شديدا..هل يمكن ان نضع حديث هذه الأم بجانب قضايا الفساد التى تنشرها الصحف كل يوم ويكشفها جهاز الرقابة الإدارية.. هل يمكن ان نتساءل ماذا فعلت الدولة مع الهاربين من رموز النظام السابق بأموال هذا الشعب وأين ما جمعه وتوصل إليه جهاز الكسب غير المشروع فى عشرات بل مئات القضايا المؤجلة..أين قضايا الفساد فى سرقة القمح وكل يوم يتم الإعلان عن جريمة جديدة..إن الأرقام تؤكد أن فى مصر الآن أكثر من عشرة ملايين مواطن دون حد الفقر فماذا فعلت الدولة لهؤلاء حيث لا عمل ولا عدالة ولا إنصاف..إن السؤال الأهم كيف ينام أصحاب الملايين من المصريين وكلنا يعلم مصادر دخلهم فى سنوات النهب التى لم تنقطع يوما وكيف يقبل المجتمع أن يعيش الملايين فيه بهذه الصورة الوحشية..إن وزارة التموين التى كانت تسمى يوما وزارة الغلابة أو وزارة البسطاء تنافس الآن تجار السلع الغذائية..كان ينبغى أن تحرص الدولة على توفير السلع الأساسية لهذا العدد من المواطنين البائسين..إن البذخ الحكومى فى كل شىء يمكن أن يوفر رغيف خبز لهؤلاء..والاحتفالات والمهرجانات والسفريات يمكن أن توفر كيلو زيت لهؤلاء..والهاربون بأموال الشعب الذين ينعمون بما سرقوا وتتفاوض معهم مؤسسات الدولة لكى يعودوا بعد أن انفض المزاد واتضحت الأمور وضاع كل ما ضاع..دموع هذه الأم وصمة عار فى جبين المجتمع المصرى كله..الأغنياء والمسئولين وأجهزة الدولة ولصوص الحكم المحلى والمحافظين وجمعيات المجتمع المدنى المشبوهة..وقبل هؤلاء جميعا كتيبة رجال الأعمال الذين غابت الرحمة عن قلوبهم..دموع هذه الأم إدانة للجميع.