بقلم فاروق جويدة
تراجعت المسافات بينى وبين الآخرين ... إذا مضيت في أحد الشوارع طاردتنى السيارات حتى اننى أصبحت اخشي ان أسير على اقدامى خوفا من السيارات المجنونة..
أصبحت أخاف من جلسات الحوار لأنك لا تضمن كم يلحق بك من الألفاظ والكلمات وربما الاتهامات.. لم تعد هناك منطقة نلتقى فيها بأفكارنا حتى لو تعارضت.. والكتاب في زمان مضى كانوا يتجادلون طوال الليل ويشربون القهوة صباحا في اقرب المقاهى لهم.. أفتقد كثيرا حوارات الكبار في الترفع والصدق والمودة..أصبحت أخاف على قلبى من طير جارح أأنس إليه واشعر معه بالأمان ثم ينتفض في قسوة ويترك لى قلبا جريحا.. ما أكثر الطيور الجارحة في زماننا وأنت تراها تمارس لعبتها في وحشة القلوب المتعبة.. أصبحت أخاف من النميمة لأنك لا تعرف ما سيقال عنك بعد كلمات الإطراء والنفاق والمجاملة أصبح من الصعب أن تأمن على نفسك من سهام تطاردك وأنت تودع وجوها ظننت أنها أصدقاء.. اعتدت طوال سنوات عمرى ألا يبهرنى الإطراء ولا تهزنى الكلمات العرجاء التى تفتقد الصدق والأمانة.. لا تترك أحلامك مباحة في ايدى الآخرين ان الأحلام دائما تحتاج إلى من يحميها من عواصف الكراهية وأشباح اليأس.. اترك خيول أحلامك تنطلق بالإصرار والهمة لأن الأحلام لا تتحمل أزمنة الضعف والتهاون.. انا لا أؤمن بما قاله سارتر ان «الآخرين هم الجحيم» لأن فيهم أناسا كثيرين يعرفون أبواب الرحمة ويقدرون مشاعر الحب والإنصاف.. دعك من تلك الوجوه العابثة المتجهمة لأنها أدمنت القبح وحاول ان تبحث عن كل ما يمنحك الأمل والإصرار والبهجة وما أسهل ان تغلق بابك وتطفئ أنوارك وتنام في هدوء بين أحضان قصيدة أو لحن جميل ولكن هناك من يطاردك في بيتك وفى نومك وراحة بالك إياك ان تترك راحتك وأحلامك لعبة في ايدى الآخرين ان قسوة زماننا القبيح علمت الأطفال القسوة وهم في بطون أمهاتهم.. ان المرأة التى ولدت وليدها في لهيب النيران وأرصفة الخوف من الأشباح لا يمكن ان تعلمه غناء العصافير لأن العصافير هاجرت وخرجت من أعشاشها خفافيش كئيبة ولا حل للبشر غير الحب.. ولكن من أين.