بقلم فاروق جويدة
حين بلغ سامى دياب سن المعاش اختفى تماما من «الأهرام» ولا اعتقد انه ظهر فى مبناها العريق مرة أخرى وكنت أحيانا اتصل به اطمأن عليه..كان سامى دياب واحدا من أنبل فرسان صاحبة الجلالة وأكثرهم ثقافة..كان قارئا شرها يقرأ كل شىء بلا ادعاء أو تكبر..اختار ان يكون من فرسان الإخراج الصحفى وكان يوما من أهم أعمدة العمل الصحفى قبل ان يظهر الكمبيوتر ويغير حسابات كل شىء ..زاملت سامى دياب سنوات طويلة حين أنشأت «الأهرام» صفحة «دنيا الثقافة» فى نهاية السبعينيات وبدأت صفحة يومية وكانت الأولى من نوعها فى تاريخ الصحافة العربية, كان سامى دياب هو المهندس المسئول عن إخراج دنيا الثقافة ويومها حشدت فيها اكبر كتاب الأهرام توفيق الحكيم وحسين فوزى وزكى نجيب محمود وبنت الشاطئ ولويس عوض ويوسف إدريس وصلاح طاهر..كان سامى دياب قارئا ممتازا وكنت تجد أمامه دائما أكثر من كتاب, ولم أتردد فى ان استخدم قدرات سامى ومواهبه الأدبية فى إجراء حوارات ساخنة مع كتاب الأهرام الكبار, ورغم الهدوء الذى كانت تتسم به تصرفاته وملامحه إلا انه كان قادرا على طرح الكثير من القضايا المعقدة فى الأدب والفكر والسياسة..ولو ان سامى دياب تخصص فى العمل الصحفى لأصبح من ابرز الكتاب فى الثقافة المصرية إلا انه كان يحب الظلال ولم يكن يوما من الباحثين عن الأضواء, وحين كان يجرى حوارا أو يكتب مقالا كانت كتاباته تتسم بالعمق والجدية والعبارة الرشيقة, وقضى سامى دياب سنوات عمله فى الأهرام لم يطمع فى منصب ولم يبحث عن لقب ولم يفكر فى ان يكون شيئا أكثر مما أراده لنفسه ما بين حبه للثقافة وعشقه للكتاب وبحثه عن القيمة أينما وجدت..فى هدوء وسكينة عاش سامى دياب راضيا بأن يعيش بعيدا عن الصخب والضجيج فى بلاط صاحبة الجلالة, لم يأخذ ما كان يستحق من الأضواء فقد كان زاهدا فيها, ولم يأخذ المكانة التى كان يستحقها كمثقف وصاحب فكر إلا انه فى النهاية اختار نفسه وطريقه وأسلوب حياته, والآن يمضى حاملا معه ذكريات رفاق مشوار أحبوه وقدروه ووضعوه دائما فى مكانة يستحقها من التقدير والإعزاز.