بقلم فاروق جويدة
لم يكن فوز الرئيس الأمريكى ترامب مفاجأة أمام هؤلاء الذين يعرفون مكونات وثوابت المجتمع الأمريكى الذى تحكمه الثروة وتدير شئونه القوة ويقوم تاريخه وثوابته التى ترى ان الأمريكى هو الجنس الأنقى والأعظم..لم تكن مفاجأة ان يدفع الرئيس الجديد بفريق عمل من رجال الأعمال ورؤساء الشركات العابرة للقارات..إذا كانت هذه الشركات هى التى تحكم اقتصاد العالم وهى الآن تدخل كل مؤسسات العالم بل تدخل البيوت وغرف النوم فما هو الغريب اذا حكمت أمريكا..لا يخلو بيت الآن من التكنولوجيا العالمية التى تديرها وتملكها الشركات الكبرى مايكروسوفت وايفون وياهو وتوابعها وواتس اب وتويتر..وهذه الشركات لا تملك فقط اقتصاد العالم ولكنها تعرف أسراره..لقد كان شيئا منطقيا ان يسلم الرئيس الجديد قيادة أمريكا إلى أصحابها الحقيقيين وهم رجال المال والأعمال وأصحاب الشركات المتعددة الجنسيات..هل كان مطلوبا ان يختار رجال الفكر والفلسفة والحريات والقوانين والعلاقات الدولية وماذا سيفعل بهؤلاء ماذا يفيد القرار الأمريكى من ثرثرة المثقفين وحوارات المقاهى والصالونات وقصص الحريات ومظاليم العالم الثالث بقرفهم وجهلهم وأمراضهم الصحية والفكرية..ان كل هذه الأشياء لا تعنى شيئا أمام برامج النت والتواصل الاجتماعى التى آتت به رئيسا رغم أجهزة المخابرات ومؤسسات الأمن الكبرى..لم يكن غريبا ان يلجأ الرئيس ترامب إلى الرأسمالية الأمريكية المتوحشة التى تملك العالم من شرقه إلى غربه..تكفى السنوات الطويلة التى ضاعت فى الحديث عن الحريات وحقوق الإنسان وهذه المخدرات التى تداولتها الشعوب الفقيرة ما بين استبداد الحكام والسجون والمعتقلات ولم تصل إلى شىء ان الرئيس الجديد تنكر لكل الأفكار التى روجتها أمريكا يوما من خلال زعامات كاذبة وعدت ولم تف وتركت شعوب العالم تجرى وراء سراب كاذب اسمه الديمقراطية..ان واقعية الرئيس الجديد أكثر مصداقية لأنه ظهر بالوجه الحقيقي لسلطة القرار فى أمريكا انها وطن يحكمه المال وليس المبادئ وان السلطة الحقيقية فى يد مجموعة من التجار وهم ابعد ما يكونون عن أحاديث المثقفين الذين لن يكون لهم مكان فى إدارة الرئيس ترامب القادم من معاقل الرأسمالية المتوحشة لتظهر أمريكا بوجهها الحقيقي بعد سقوط نظريات الحريات وحقوق الإنسان والشعوب المغلوبة على أمرها.