بقلم : فاروق جويدة
الشىء المؤكد أن معظم كبار المسئولين فى الدولة المصرية الآن تعلموا وتخرجوا فى ظل مجانية التعليم وأن من مرض منهم تلقى العلاج فى مستشفيات حكومية نظيفة..وأن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر لم يكن وراء فساد التعليم أو فساد الخدمات الصحية..
كلنا تعلمنا فى ظل مجانية التعليم وكان المدرس المصرى نموذجا فى الكفاءة والانضباط وكانت سمعة أطباء القصر العينى تطوف العالم كله بخبراتهم الفريدة ومن يدعى أن مجانية التعليم هى التى أفسدت التعليم لم يقرأ التاريخ جيدا لأن التعليم فى مصر كان على درجة كبيرة من التميز وكذلك المستشفيات الحكومية وان مقولة التعليم مثل الماء والهواء صاغها عميد الأدب العربى د.طه حسين قبل قيام ثورة يوليو وكانت المدارس المصرية تفخر بتلاميذها وخريجيها وكان منهم المفكرون والكتاب والأطباء والمهندسون والعلماء..
إن احمد زويل وفاروق الباز ومجدى يعقوب العلماء الثلاثة تخرجوا فى مجانية التعليم وهناك مئات الرموز المصرية التى تعلمت فى المدارس المصرية بل أن اكبر الرموز فى العالم العربى درسوا وتعلموا فى جامعات مصر فى الخمسينيات والستينيات..
إن مجانية التعليم لم تكن السبب فى فساد التعليم ولكنها تجارة التعليم وتجارة الطب والدروس الخصوصية وفساد الأخلاق والذمم والمتاجرة بهموم الشعب..
ولا ينبغى أن يتراجع فكر المسئولين فى الدولة طمعا فى براءة لا يستحقونها مما أصابنا من الكوارث لقد رحل عبد الناصر ونظامه منذ ما يقرب من خمسين عاما اى أن الأجيال التى تعلمت فى عصره كلها الآن فى خريف العمر وان ما لحق بالأجيال الحالية من خطايا التعليم لم يكن بسبب المجانية بل كان بسبب السياسات المتخبطة الهمجية التى جرفت العقل المصرى وهو أغلى ما نملك أمام السمسرة والتجارة وبيع كل شىء من ثوابت هذا الوطن..
اتركوا عبد الناصر مستريحا فى قبره ولا تلقوا على الرجل التهم وهو فى رحاب خالقه فقد كان يعمل للشعب وللشعب وحده وبدلا من القاء الفشل على أعناق الآخرين لنبحث عن أسباب الكارثة وهى بالتأكيد ليست مجانية التعليم ولا الرعاية الصحية فى عهد مضى عليه الآن عشرات السنين.