بقلم - فاروق جويدة
هناك أشياء وظواهر غريبة تمر علينا الآن دون أن يتحرك فينا ساكن آخر المفاجآت أن ترحل فاتن نجيب محفوظ ابنة صاحب نوبل واكبر رواد الرواية العربية منذ ثلاثة أسابيع ولم ينشر عنها خبر..فى صمت غريب مرضت فاتن وبقيت ستة شهور فى المستشفى وتم دفنها فى جنازة لم يشارك فيها احد غير شقيقاتها..كان من الممكن أن ينشر خبر عادى برحيل ابنة نجيب محفوظ أو أن يكون هناك نعى فى سطور قليلة ولكن أن يكون كل هذا التجاهل فهذه كارثة.. منذ رحل نجيب محفوظ انفض المولد واختفى الحواريون الذين كانوا يحيطون به من كل جانب وقامت شهرتهم وكل تاريخهم على سمعة الروائى الكبير..لقد علمت أن بنات نجيب محفوظ قد عانين كثيرا بعد رحيله وواجهن مشاكل وأزمات حتى انتهى الأمر برحيل إحدى بناته دون أن ينشر خبر عنها إلا بعد ثلاثة أسابيع.. إن هذا الخبر يؤكد حقيقة هامة فى حياتنا الآن أن الإعلام المصرى يعانى بالفعل من غيبوبة طالت وان القواعد المهنية قد اختفت تماما..وان ما ينشر لا يمثل الحقيقة فى هذا المجتمع الذى اختلت فيه كل المقاييس والقواعد..إن فاتن نجيب محفوظ التى رحلت فى صمت لم تكن كاتبة مشهورة أو فنانة ولكنها تحمل اسم رمز من رموز مصر العظيمة ومن حقها أن يحتفى بها المجتمع ويتابع أخبارها أما أن تموت ولا يعرف احد إلا بعد ثلاثة أسابيع فهذا حدث لا ينبغى أن يمر مرور الكرام..لو أن فاتن رحلت فى حياة والدها لاستمر العزاء شهرا كاملا ووجدنا صور الجنازة على الفضائيات ولكن لأن الرمز مات كانت كل هذه الأحداث التى تؤكد عدم الأصالة والتمسح فى الكبار فإذا رحلوا نسينا كل الأشياء.
كان نجيب محفوظ يكره الأضواء ولا يسعى إليها وأغلق الباب على أسرته ولم يعلم احد شيئا عن بنانه إلا وهن يشاركن فى تسلم جائزة نوبل فى احتفالية عالمية..رحلت ابنته ولم يشارك احد فى جنازتها هل هذا هو الجحود أم اختلال منظومة الوفاء أم العشرات من الحواريين الذين تاجروا فى اسم نجيب محفوظ وحين رحلت ابنته لم تجد أحدا منهم؟.