بقلم فاروق جويدة
لا أدرى لماذا نحرق السفينة ونحن نغادرها ونقطع أشجار الحديقة ونحن نودعها لماذا لا نترك الأشياء الجميلة التى أسعدتنا فمن يدرى ربما عدنا إليها مرة أخرى فى يوم من الأيام وبدلا من ان نرى أطلال السفينة وبقايا الحديقة لماذا لا تبقى الأشياء فى أماكنها حتى لو سكن السفينة مالك جديد أو اطل فى الحديقة إنسان آخر..فى حفلات الوداع أتعجب أحيانا من ان تقيم امرأة حفلا كبيرا ليلة طلاقها..
ان الإنسان عادة يحتفل بليلة عرسه ولا اعتقد ان الاحتفال فى ساعات الوداع شئ جميل لأنه يترك الأسى والمرارة..كيف يعتاد الإنسان ان يكون متسامحا لأن التسامح من أنبل صفات البشر ان الانتقام ليس من صفات الترفع فى الإنسان..وإذا كان ولابد من الفراق فليترك كل طرف للآخر ما يجعل ذكراه أفضل وأجمل..من أسوأ الأشياء فى الإنسان ان يحرق كل شئ وهو يغادر المكان سواء كان بيتا أو عملا أو حبا..حاول دائما ان يبقى المكان على جماله والعمل على بريقه وحتى الحب لا تجعل منه لحظة ألم بل اترك له شيئا من الأمل فربما عاد النبض يدق أرجاء القلب العنيد لتصفو السماء وتسقط الأمطار ويطل صبح جديد..كل الذين تركوا بيوتهم احرقوا أجمل الذكريات فيها وكل الذين تركوا أعمالهم افسدوا كل شئ فيها ومن ترك حبيبا فى لحظة وداع قاسية ترك الألم والجراح والوحشة كنت أتعجب من مشهد غريب تراه فى أفلامنا إنها صورة المرأة وهى تقطع ثياب زوجها قطعة قطعة وتلقى بها فى الشارع أمام الناس وفى الجانب الآخر تراه يسقط الصور من الجدران ويدوسها بقدميه رغم أن هذه الثياب وهذه الصور حملت معها أجمل وأحلى ذكريات العمر..إذا كان الوداع ضرورة فليكن وداعا راقيا بلا جراح وإذا كان الفراق لا بديل عنه فلا داعى أبدا لحفلات التشويه والجحود والنكران.. فى كل شئ نجد أكثر من وجه والأجمل دائما ان نحافظ على جوانب الخير..لا تمزقى ثياب رجل احبك ولا تحرق صوراً جميلة عاشت معكم وعشتم بها..وليكن الوداع شيئا راقيا.