بقلم فاروق جويدة
لا تحتقر إنسانا بسيطا ربما كان أفضل منك ولا تسخر من عصفور صغير يحلق حولك لأنه قادر أن يصل إلى أماكن تعجز عن الوصول إليها.. ولا تتصور انك وحدك فى الحياة هناك مخلوقات أمامك لا تراها وقد تكون أكثر منك إنسانية ونبلا وترفعا.. إن الفراشة الجميلة التى تطير أمامك فيها ألوان وأطياف ومشاعر لن تصل إليها بكل ما عندك من القدرات..وهذه الشجرة الصامتة ربما تتحدث لغات أنت لا تفهمها ولن تفهمها لأنك تصورت أن الكون كل الكون مسخر لخدمتك وجبروتك ربما لا تدرى وأنت تقطع جذوع الشجرة ان فى أحشائها وليد يموت وان فى أعماقها جراح تنزف ربما لا تدرى إن جدران البيوت التى تتساقط أمامك وأنت مستمتع بما ترى من الخرائب إن فى الجدران أصواتا تصرخ وذكريات تموت..ربما أنت لا تدرى وأنت تدق الأرض طغيانا وجبروتا أن فى الأرض رفات أناس رحلوا كانوا أكثر منك إيمانا وطهرا..ربما لا تدرى وأنت تنبش قبورا نام أصحابها فى هدوء وصفاء إن دعواتهم وهم أشلاء تنطلق إلى السماء تلعن كل من جاروا عليهم واستباحوا تاريخهم ودورهم فى هذه الحياة..إن الحياة ليست أنت وحدك إنها الماضى البعيد بكل ما حمل من الضوء والظلام فلا تتوقف عند سحابات الظلام وابحث عن نقاط الضوء لأنها الأكثر ثراء وقيمة..نحن فى الظلام لا نرى غير الخفافيش وحين ينطلق ضوء الشمس تظهر الأشجار والطيور والأنهار والبهجة..أن عشاق الظلام لا يعيشون كثيراً لأن الحياة تفرح بمن عشق النهار..إياك ودعوة سجين مظلوم فليس بينه وبين السماء حجاب..وإياك وسخط الجائع لأن صراخ البطون لا يعرف الرحمة.. وإياك والغاضبين لأن الغضب يلغى العقل وحين يغيب العقل تهبط أجنحة الظلام..لست وحدك فى هذا الكون هناك أشياء صغيرة جدا ربما تسعدك أكثر من اى شىء آخر.. فى قطة صغيرة قد تتعلم درسا فى الرحمة وفى عصفور جريح قد تشاهد أحزان الكون وكم من القطط ماتت تحت أقدام الطغاة وكم من العصافير احترقت فى خرائب البيوت والنفوس والبشر..لا أدرى كيف ينام هؤلاء الذين احترفوا الظلم وافسدوا وجه الحياة.