بقلم فاروق جويدة
فى أيامنا كان من الممكن أن يجد الشاب فرصة عمل مميزة بلا توصية أو محسوبية وكنا نتقدم فى المسابقات وهناك عدالة فى تقييم المواهب والقدرات .. ومنذ سنوات بدأ ميراث الوظائف فى كل قطاعات العمل فى مصر .. كل واحد يسعى لتوريث ابنه مكانه ومكانته أستاذ الجامعة يترك المنصب للأبناء والطبيب لابد أن يكون ابنه الأول على الدفعة ومع نهاية كل عام يبدأ موسم جنى الثمار واتسعت هذه الدائرة حتى أغلقت كل الأبواب أمام المتفوقين من الشباب .. إن أوائل الخريجين لا مكان لهم الآن فى قوائم الفرص وهناك آلاف الخريجين الحاصلين على تقديرات متقدمة ولم يجد احد منهم فرصة عمل .. من السهل أن تجد أوائل الكليات الجامعية منهم من يعمل فى مطعم أو سباكه أو بواب فى عمارة وربما تجده يعمل فى احد جراجات السيارات .. وهذا الخلل الذى أصاب الشاب المصرى جعله حاقدا على كل شىء انه يشاهد زميله الفاشل الذى بقى فى الكلية عشر سنوات وقد أصبح فى وظيفة مهمة .. والأخطر من ذلك ليس المستوى الوظيفى لكن المستوى المادى الذى أدى إلى انقلابات خطيرة فى حياة الشباب .. إن الشباب الفاشل لم يرث من الوالد وظيفة فقط ولكن الأموال التى جمعها والده حراما أو حلالا الله اعلم تكفى ميزانية صندوق النقد هناك من سرق الوظائف والفرص وهناك من سرق أموال الشعب وهناك من سرق الاثنين معا .. وبعد ذلك كله مازلنا نتساءل عن أسباب غضب الشباب وسخطه انه لم يحصل على شىء أمام طوابير الفرص الضائعة .. أحيانا أقرأ صفحة الوفيات وفى كل نعى حاول أن تقرأ أسماء العائلة وكم جمع رب الأسرة من الأبناء والأحفاد والأقارب فى موكب وظيفته .. عشرات الأسماء فى كل التخصصات والغريب أن تجد من الخريجين الحاصلين على شهادات فى تخصصات غريبة ورغم هذا يتصدرون المشهد .. فى غياب النهار تنتشر الخفافيش ليلا وفى غياب العدالة تنتشر الكراهية والأحقاد وحين يكون الوطن بخيلا لا تسأل عن العطاء.