بقلم : فاروق جويدة
فى أحيان كثيرة تختلط الأوراق فى ذاكرة الناس أمام المغالطات ومحاولات التشويه ، ومن أكثر الأشياء التى تتعرض لذلك ثلاثية قديمة هى : التاريخ، والفنون، والسير الذاتية..
إن التاريخ منطقة فى غاية الحساسية لأنه يخضع للكثير من الآراء والرؤى، ابتداء بمن صنعوه أو شاركوا فى أحداثه، وانتهاء بفرق المجتهدين والباحثين، وكثيرًا ما جنحوا للباطل وغابت الحقيقة.. ومن أكثر الأشياء التى شوّهت التاريخ: الفنون، خاصة إذا قامت على أحداثه وثوابته، ولأن الفن أكثر انتشارًا وتأثيرًا، يسعى دائمًا لاستخدام أحداث التاريخ، وفى أحيان كثيرة يأخذ من التاريخ ما يناسب فكره وتوجهاته، وهنا يسقط الاثنان معًا: التاريخ والفن، وتضيع المصداقية وتُشوّه الثوابت.. وفى ظل اختلاط الأوراق، لعبت السياسة دورًا مشبوهًا فى مسيرة الأحداث والأشخاص والثوابت، وخضع التاريخ لأهواء السياسة، وسقط الفن ضحية بين الحقيقة والتشويه..
هناك آلاف الصفحات التى كتبها الساسة لتبرير الأخطاء ، وهناك آلاف الأفلام التى تسربت فى عقول الناس بالأكاذيب ، وصنعت مجتمعات مشوّهة الذاكرة ، وما زالت هذه الثلاثية تمارس لعبة خلط الأوراق ، حين تشاهد فيلمًا مليئًا بالأكاذيب وتصدق ما جاء فيه ، أو تقرأ تاريخًا كتبه الدجالون والمرتزقة ، وتلوح فى الأفق أمامك صور العرائس المتحركة ، وتشاهد الساسة وهم يروّجون للبطولات ويصنعون الأكاذيب.. ما بين فيلم يُضلّل الناس ، وتاريخ يُشوّه الحقائق ، تعيش الشعوب فى ظل تلال من الأوراق التى لا تحترم ذاكرة الإنسان ، ولا تقدّر الحقيقة، وما زال مسلسل خلط الأوراق يدمّر ذاكرة البشر..