بقلم فاروق جويدة
الصديق حلمى النمنم وزير الثقافة طرح قضية في غاية الأهمية أمام مجلس الشعب وهى أن قادة الإرهاب تخرجوا جميعا من الكليات العملية مثل الطب والهندسة والصيدلة والعلوم وبرر ذلك بأن هذه الكليات لا تهتم في مناهجها بالمواد النظرية التى تتعلق بالفكر والعلوم الإنسانية .. ولا شك أن ما قاله وزير الثقافة يتطلب بالفعل وقفة جادة لأن معظم القيادات الدينية التى ظهرت في السنوات الأخيرة من خريجى الكليات العملية وربما كانت كلية الطب والهندسة والعلوم من أكثر هذه الكليات ولو أننا راجعنا الأسماء المطروحة في الساحة الآن سوف نجد أن عددا كبيرا منهم أطباء تركوا الطب ومارسوا الدعوة..إن الكليات العملية لا تهتم كثيرا بالمواد النظرية مثل التاريخ والفلسفة والاجتماع والنظريات السياسية والأدب والشعر وأمام قصور هذه المواد تراجعت أشياء كثيرة في فكر ومنهجية هؤلاء الذين درسوا المواد العملية فقط .. ومن هنا فإن الأسس التى قامت عليها دراسات هؤلاء افتقدت الكثير من الجوانب التى تتطلبها الدراسات الدينية في اللغة وقواعدها وأصولها وفى الإبداع وشروطه في الآداب والدراسات الإنسانية كما أن التاريخ يمثل عنصرا ضروريا في ثقافة كل صاحب فكر وكان من نتيجة ذلك أن درس هؤلاء الدين من خلال مشايخ ودعاة سواء كانوا مصريين أو غير مصريين خاصة أن علاقتهم بثوابت العقيدة من القرآن والسنة والسلف الصالح كانت تبدو محدودة إن معظم القيادات الدينية في تشكيلات الجماعات الإسلامية من خريجى الكليات العملية وقد توارثت هذه الكليات الأدوار في تفريخ هذه القيادات مع تزايد الاهتمام بالجانب الدينى في حياة الناس .. وأمام غياب المناهج التعليمية التى تقدم شخصية متوازنة وفكرا وسطيا كان دور الجماعات أهم واخطر من مناهج الكليات العملية وقد ظهر ذلك في سيطرة هذه القيادات على المساجد والزوايا والدعوة وكان من السهل أن يترك خريج كلية الطب مهنة الطب ليكون داعية أو فقيها في الدين رغم انه لم يدرس ثوابت هذا الدين في اى مرحلة من حياته واكتفى بثقافة سطحية لا تسمن ولا تغنى من جوع.