بقلم : جهاد الخازن
الرئيس دونالد ترامب يخوض معركة أخرى يستحيل أن يفوز بها، فهي هذه المرة ضد الرياضيين الأميركيين، وهم الأكثر شعبية في الولايات المتحدة، وحتماً أكثر شعبية من الرئيس.
بعض اللاعبين السود يركع على قدم واحدة أثناء عزف النشيد الوطني الأميركي احتجاجاً على سوء معاملة السود أو طلباً لمساواة حقيقية. حق المواطن الأميركي في إبداء رأيه يضمنه الدستور وتعديلاته طالما أنه بعيد من العنف، وهو ما يفعل اللاعبون السود.
الرئيس ترامب قال في تغريدة إنه إذا أراد اللاعب أو اللاعبة كسب ملايين الدولارات في كرة القدم الأميركية (لا توجد لاعبات) فلا يُسمح له أن يُظهر عدم احترام (هذه التغريدة انتهت هنا بسبب عدد الحروف) وترامب أكمل في تغريدة تالية: للعلم الوطني العظيم (أو البلاد) ويجب أن يقفوا للنشيد الوطني، وإن لم يفعلوا طُردوا ليبحثوا عن شيء آخر.
الرئيس قال في تغريدة أخرى: الذهاب الى البيت الأبيض يعتبر تكريماً عظيماً لفريق فائز بالبطولة. ستيفن كاري متردد، لذلك الدعوة مسحوبة.
أفضل رد على ترامب جاء من ليبرون جيمس، لاعب فريق كليفلاند كافالييرز لكرة السلة، فهو قال: يا مغفل، ستيفن كاري قال إنه لن يحضر، فالدعوة رفضها. الذهاب الى البيت الأبيض كان تكريماً عظيماً حتى جئت أنت..
.
اتحاد كرة القدم ونجوم كرة السلة ومالكو الفرق ورؤساء هذه الفرق والمديرون التنفيذيون جميعاً تصدوا لترامب وتصريحاته.
مفوض اتحاد كرة القدم روجر غوديل قال في بيان يدين موقف الرئيس إن دونالد ترامب عنصر انقسام، وترامب رد في تغريدة بأن غوديل أصدر بياناً حاول أن يبرر موقف اللاعبين، ودعاه لأن يأمرهم بالوقوف للعلم.
أعرف الولايات المتحدة منذ عقد السبعينات من القرن الماضي وأقمت في العاصمة واشنطن في الثمانينات وذهبت الى جامعة جورجتاون، وكنت أؤيد فريق الكرة المحلي «رد سكينز» الذي فاز بالبطولة وأنا في واشنطن. أعتقد أنني أعرف السياسة الأميركية والمجتمع الأميركي، وأصر على أن اللاعبين أكثر شعبية من أي سياسي، خصوصاً إذا كان هذا السياسي من نوع دونالد ترامب. قرأت كثيراً من الردود على ترامب، وأختار ما يمكن نشره:
- من المعيب أن رئيس الولايات المتحدة يصف اللاعبين بأنهم أولاد زنا.
- هو قرر أن يبتعد عنا قبل أن نعلن أننا سنرفض دعوته لزيارة البيت الأبيض.
- فريق كرة السلة في كارولينا الشمالية الذي فاز ببطولة هذا العام أعلن أنه لن يزور البيت الأبيض.
- دعوة دونالد ترامب الى طردي من فريقي تعني أنه يعتقد أن الرجل الأسود لا يستطيع شيئاً سوى لعب الكرة.
- إذا قال لكم أي إنسان إنكم لا تستطيعون القدوم الى واشنطن قولوا له إن رئيس البلدية مورييل باوزر دعانا.
قد يبدو للقارئ العربي أن خطأ «رياضياً» يهون مع أخطاء ترامب السياسية، إلا أنه ليس كذلك في بلاد تحب الرياضة والرياضيين. ترامب على ما يبدو لا يدرك أي منزلق وضع نفسه فيه فهو كان في ألاباما وتحدث في جمهور غالبيته من البيض وقال: ألا تحبون أن تروا مالك فريق في اتحاد الكرة الوطني يشاهد لاعباً لا يحترم العلم الوطني فيصرخ أخرِجوا (شتيمة) من الملعب. هو مطرود. هو مطرود. المستمعون في ألاباما وغالبيتهم من البيض صفقوا لترامب ورحبوا بكلامه، إلا أن ألاباما لا تمثل الولايات المتحدة فسياسة ممثليها الى اليمين، والسود فيها أقلية لا حساب لها. دونالد ترامب سيدفع ثمن جهله أصول التعامل مع نجوم الرياضة في بلاده. هو شهاب في طريق الأفول وهم نجوم.