دخلت الأمم المتحدة في أيلول (سبتمبر) الماضي والرئيس دونالد ترامب يخطب، وقرأت خطابه ووجدت فيه هذا التحذير: لا خيار لنا سوى تدمير كوريا الشمالية إذا «الرجل الصاروخ» طوّر صاروخاً يصل إلى دنفر.
قبل هذا الكلام وبعده قال ترامب عن الاتفاق النووي مع إيران إنه أسوأ صفقة من جانب واحد في تاريخ الولايات المتحدة.
هو الآن يرفض توقيع التزام إيران الاتفاق النووي وقد طلب من الكونغرس أن يطلع بقرار عن الموضوع.
أخطر من كل ما سبق أن دونالد ترامب يسأل «لماذا لا نستعمل القنبلة» وعندنا الكثير منها. هو اقترح أن تزيد الولايات المتحدة مخزونها من القنابل النووية عشرة أضعاف، ووزير الخارجية ريكس تيلرسون قال عنه إنه أحمق، وزاد أن الديبلوماسية في التعامل مع كوريا الشمالية ستستمر حتى تسقط أول قنبلة.
متى تسقط أول قنبلة ومَنْ هو الذي أمر بإسقاطها؟ لا أعتقد بأن كوريا الشمالية ستجرؤ على استخدام سلاح نووي ضد الولايات المتحدة لأنها تعرف أنها ستُدمَّر تدميراً كاملاً إذا فعلت. أخشى أن يأمر ترامب خلال أشهر أو سنة أو نحوها بتدمير مقر التجارب النووية في كوريا الشمالية وأيضاً صواريخها العابرة للقارات.
أعتقد بأن كوريا الشمالية هي الأولى بين أهداف ترامب، إلا أن إيران في المركز الثاني، وكان الكونغرس أقرّ الاتفاق النووي مع إيران سنة 2015 واسمه الرسمي «خطة العمل المشتركة الشاملة.» الاتفاق النووي يؤكَد الالتزام به كل ثلاثة أشهر وهو بين ست دول وإيران. الدول الخمس الأخرى قالت مرة بعد مرة إن إيران تلتزم الاتفاق، وقادتها انتقدوا دونالد ترامب علناً على تهوره.
أتوقف هنا لأقول للقارىء العربي إن بنيامين نتانياهو يواجه تحقيقاً بالفساد في إسرائيل، وأرى أنه سيُحاكم. نتانياهو انتقد الاتفاق قبل توقيعه وأطلق لوبي إسرائيل في حملة ضده يؤيدها الجمهوريون في الكونغرس.
ترامب لم يقل يوماً إن عند إسرائيل ترسانة نووية تضم أكثر من 80 قنبلة نووية، بل هو يستقبل نتانياهو كصديق، ثم يدّعي الصداقة مع مصر والمملكة العربية السعودية ودول عربية أخرى.
الاتفاق النووي مع إيران في أكثر من 150 صفحة، وكل تصريحات ترامب تدل على أنه لم يقرأ الاتفاق وإنما يهاجمه لأن هذا يناسب إسرائيل ونتانياهو الذي قد يخسر رئاسة الوزارة في نهاية التحقيق معه بالفساد وتقبل رشوة وهدايا من أثرياء.
الواقع أن الاتفاق النووي نصّ على تخلي إيران عن مخزونها من اليورانيوم المشبع إلى درجة عالية وعن 97 في المئة من مخزونها من اليورانيوم المشبع إلى درجة متدنية. هي فعلت وبقي لها 300 كيلوغرام من اليورانيوم المشبع إلى درجة متدنية، وقرأت أن الموجود لديها كله لا يكفي لإنتاج قنبلة نووية واحدة. مع ذلك، دونالد ترامب يهاجم إيران ويصمت عن إسرائيل.
ماذا سيحدث غداً أو بعد غد؟ لم أكن يوماً في حياتي متشائماً إلا أنني مع وجود دونالد ترامب في البيت الأبيض أخشى أن يستبق الرئيس الأميركي جهود كوريا الشمالية في التجارب النووية والصواريخ ويستهدفها بضربة عسكرية لا تكسر فقط عمودها الفقري، وإنما تتركها والنار تعصف بها.
أتمنى أن أكون مخطئاً غير أن ترامب يريد مواجهة عسكرية مع كوريا الشمالية، وتيلرسون ليس ضمن المجموعة النووية المحيطة بترامب. هناك عسكر يؤيدون الرئيس في مواقفه ضد كوريا الشمالية وهؤلاء لن يترددوا في تنفيذ أوامر الرئيس بضربها، فلقبه الرئيس الأميركي ولقبه الآخر القائد الأعلى للقوات المسلحة الأميركية. أقول ربنا يستر.