المفاوض الايراني يحاصر نظيره الفلسطيني
آخر تحديث GMT 12:11:16
 فلسطين اليوم -

المفاوض الايراني يحاصر نظيره الفلسطيني

 فلسطين اليوم -

المفاوض الايراني يحاصر نظيره الفلسطيني

نقولا ناصر

النجاح التاريخي الذي أنجزه المفاوض الإيراني يوم الثلاثاء الماضي بعد ما يزيد على عشر سنوات من التفاوض على برنامج بلاده النووي يسلط الأضواء الساطعة على الفشل التاريخي والاستراتيجي للمفاوض الفلسطيني في إحراز أي تقدم لتحقيق ما دون الحد الأدنى من الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني الذي لا يسعه التهرب من المقارنة بين أداء المفاوضَيْن.

إن التلاسن وتبادل القصف الإعلامي والاتهامات حد الإسفاف والمعارك “القضائية” والإقالات والاستقالات التي تعصف ب”معسكر الحياة مفاوضات” في منظمة التحرير الفلسطينية هي جميعها علامات تشير إلى تفكك هذا المعسكر وانهياره، وهذه نتيجة منطقية وموضوعية ل”الاعتراف صراحة بأن خطتنا السياسية منذ (توقيع اتفاق) أوسلو حتى الآن قد فشلت فشلا ذريعا وتاما وإن رهاننا على حل يؤدي إلى إنهاء الاحتلال عن أرض وطننا عبر المفاوضات كسبيل أوحد انهار كليا” كما كتب أمين عام اللجنة التنفيذية المقال للمنظمة ياسر عبد ربه، فالنار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله كما يقول المثل العربي.

والمفارقة أن الأطراف المتساقطة التي تنهش بعضها في “معسكر الحياة مفاوضات” في منظمة التحرير قد انقسمت إلى فريقين أحدهما يصر على الاستمرار في استراتيجية “المفاوضات كسبيل أوحد” بالرغم من فشلها “الذريع والتام”، كما تفعل الرئاسة الفلسطينية.

والفريق الثاني يسطو على مطالب فصائل المقاومة الأعضاء وغير الأعضاء في المنظمة التي تدعو إلى “إنقاذ وتجديد مشروعنا الوطني” على أساس “الشراكة الوطنية الشاملة” و”استعادة الوحدة” الوطنية و”تأسيس مركز قيادي موحد من خلال الدعوة إلى عقد الإطار القيادي المؤقت” للمنظمة الذي تم التوافق عليه في اتفاقيات المصالحة الفلسطينية كما كتب عبد ربه، أو هو في أحسن الأحوال يغازل دعوة القيادي الفتحاوي الأسير مروان البرغوثي إلى استراتيجية تدمج بين التفاوض وبين المقاومة الوطنية والشعبية.

وكان يجري مؤخرا لفظ الفريق الثاني خارج دائرة القرار في ما يجري وصفه كصراع على سلطة تعترف صراحة وعلنا بأنها لا تتمتع بأي سلطة في ظل الاحتلال الإسرائيلي أو كصراع على “خلافة” الرئيس محمود عباس في قيادة المنظمة والسلطة وحركة فتح.

إن التناقض الصارخ بين الممارسة السياسية الفعلية طوال السنوات الماضية للأسماء التي تمثل العناوين الرئيسية لهذا الفريق الثاني وبين دعواتهم المستجدة التي تفتقد الصدقية بمزاودتها على المعارضة المقاومة لاستراتيجية “المفاوضات كسبيل أوحد” هو تناقض ينم عن انتهازية سياسية سافرة لا يمكن اتهام الرئاسة الفلسطينية بها، إذ بغض النظر عن الاتفاق او الاختلاف مع استراتيجية الرئيس عباس فإن التزامه باستراتيجية “المفاوضات كسبيل أوحد” يمثل موقفا مبدئيا له لم يحد عنه طوال مسيرته السياسية.

فعبد ربه كان جرافة إعلامية وسياسية وثقافية، وسلام فياض كان كاسحة ألغام مالية وحكومية، ومحمد دحلان كان رأس حربة أمنية واستخبارية في حملة منظمة تستقوي بعلاقات دولية وعربية مكشوفة على المقاومة الفلسطينية وتسترشد بشروط دولة الاحتلال الإسرائلي التي تبنتها اللجنة الرباعية الدولية لمطاردة المقاومة في الضفة الغربية وتصفيتها أو محاصرتها في قطاع غزة، وقد كان هذا الفريق احتياطيا جاهزا لإجهاض اتفاقيات المصالحة الوطنية قبل ان يجف حبر التوقيع عليها.

غير أن الضجيج الإعلامي الناتج عن هذا الصراع الفعلي أو المفتعل بين الفريقين يغطي أو يستخدم للتغطية على الاستحقاقات الوطنية الأهم للتغيير في الاستراتيجية والقيادات على حد سواء.

فالمفاوضات على “حل الدولتين” قد أصبحت عقيمة ومدمرة للقضية الوطنية الفلسطينية حتى لو استؤنفت لأن مثل هذا “الحل غير قابل للتنفيذ” ولأن “موت حل الدولتين أصبح حقيقة لدى كل مطلع على حقيقة الوضع على الأرض” كما كتب الوزير الأردني السابق مروان المعشر يوم الأربعاء الماضي، داعيا إلى “مقاربة أردنية جديدة لا تنظر لإسرائيل على أنها شريك في عملية السلام”، وفلسطين الآن أحوج كثيرا من الأردن إلى مقاربة كهذه تفك الشراكة الاسمية مع دولة الاحتلال في يسمى “عملية السلام”.

لكن منظمة التحرير في وضعها الراهن ليست مؤهلة ل”القيام بالتغيير والتجديد والإصلاح والمراجعة” وانتظار “أن تقوم اللجنة التنفيذية” للمنظمة بذلك ليكون “مفتاح الحل بيد من أوصلنا إلى ما نحن فيه” هو ضرب من “الأوهام فعلا” لأن “علينا أن نواجه الحقيقة بأن الكيان الذي تمثله المنظمة شرعي ولكنه يعاني من موت سريري … ومن الطبيعي أن يكون الحل من خارجها” كما كتب مدير عام مركز “مسارات” الفلسسطيني هاني المصري يوم الثلاثاء المنصرم.

وهذا الواقع يستدعي في الحد الأدنى تنحي “من أوصلنا إلى ما نحن فيه” وتحويلهم في أحسن الحالات إلى فريق استشاري خبير في تقديم المشورة حول أفضل السبل للفشل الذريع في المفاوضات كي يتجنبها المفاوضون في المستقبل، ويظل تنحيهم استحقاقا قائما بانتظار التوافق الوطني على بديل لهم.

لقد نجح المفاوض الإيراني لأنه استند في مفاوضاته إلى مقايضة سلاح نووي لم يمتلكه لكنه امتلك الخبرة والخبراء والامكانية لصنعه بحق امتلاك التكنولوجيا النووية السلمية ومعها امتلاك قراره الوطني الحر والمستقل.

وفشل المفاوض الفلسطيني لأنه تخلى عن المقاومة وقدراتها ودخل المفاوضات وهو مجرد من سلاحها فلم يستطع مبادلة وقفها بإنهاء كامل للاحتلال.

ويضفي اتفاق الثلاثاء الماضي على البرنامج النووي الإيراني صفة استعجال ضاغطة على استحقاق التغيير في القيادة الفلسطينية واستحقاق التوافق على استراتيجية فلسطينية بديلة.

فهذا الاتفاق قد نقل إيران من ركن أساس في ما سماه الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو. بوش عام 2002 “محور الشر” إلى شريك للولايات المتحدة وأوروبا في المحافظة على السلم والأمن الإقليمي في الوطن العربي ومحيطه، بحيث لم يعد من المصلحة الوطنية الفلسطينية الاستمرار في التهرب من التعامل مع إيران خشية الاتهام الأميركي – الأوروبي بالتعامل مع “محور الشر” الإيراني الذي كان قبل الاتفاق متهما أميركيا واوروبيا بدعم “الإرهاب”، أي المقاومة الفلسطينية واللبنانية، ضد الاحتلال الإسرائيلي ودولته.

إن خضوع أي قيادة فلسطينية حالية أو في المستقبل لضغوط أي محور عربي معارض للاتفاق الدولي على البرنامج النووي الإيراني يعني الاصطفاف إلى جانب محورعربي ينسق حاليا مع دولة الاحتلال أو يسعى إلى إنشاء جبهة معها لإجهاض الاتفاق، وهذا معناه الرهان على حصان خاسر فشل في منع التوصل إلى الاتفاق ومن المؤكد أنه لن ينجح في منع تنفيذه.

فاي اصطفاف فلسطيني إلى جانب أي جبهة عربية كهذه مع دولة الاحتلال يعني فقط استعداء الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الموقعين على الاتفاق، ناهيك عن روسيا والصين، وهذا هو للمفارقة ذات “المجتمع الدولي” الذي خذل مفاوض منظمة التحرير والذي ما زال مفاوض المنظمة يراهن عليه.

إن منظمة التحرير ومفاوضوها، وكذلك “بعض” القيادات المعارضة لهم في المقاومة التي تراهن اليوم على علاقاتها مع دول خليجية معارضة للاتفاق، يجدون أنفسهم الآن على مفترق طرق حاسم يخيرهم بين تأييد لا لبس فيه للاتفاق والاصطفاف إلى جانب الموقعين عليه وبين معارضته والاصطفاف إلى جانب دولة الاحتلال والمنسقين العرب معها في محاولة إسقاطه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المفاوض الايراني يحاصر نظيره الفلسطيني المفاوض الايراني يحاصر نظيره الفلسطيني



GMT 11:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 11:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 11:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 11:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 11:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 11:49 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 11:47 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 11:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday