د. حنا عيسى
الحد الأدنى للأجور هو أدنى مبلغ من المال يتقاضاه العامل في الساعة، اليوم أو الشهر بحكم القانون، وهو أيضا أدنى مبلغ يجوز فيه للعامل أن يبيع جهده، وقد يتحدد هذا المبلغ لتغطية أجور كل العمال أو مجموعة منهم يعملون في صناعات معينة. إلا أن قوانين الحد الأدنى للأجور كثيراً ما لا تغطي أجور الأشخاص الذين يعملون في حرف أو صناعة يملكونها، أو الأشخاص الذين يعملون موظفين في الشركات والمصانع الصغيرة. ويوضع حد أدنى غير رسمي للأجور في بعض البلدان الأوروبية من خلال الاتفاقات المتبادلة بين النقابات وأصحاب الأعمال.
ويعتبر الحد الادنى للاجور بواقع 1450 شيكل نتاج المفاوضات الجماعية بين ممثلي مؤسسات القطاع الخاص التي ضمت خمس مؤسسات هي الغرف التجارية والصناعية ومركز التجارة الفلسطيني (بالتريد) واتحاد الصناعات الفلسطينية وجمعية البنوك واتحاد المقاولين من جهة؛ ونقابات العمال التي ضمت الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين والاتحاد العام لعمال فلسطين والنقابات المستقلة ونقابة العاملين في الجامعات من جهة اخرى؛ وبمشاركة فاعلة من ممثلي الحكومة في خمس وزارات ذات علاقة هي العمل والاقتصاد الوطني والمالية والتخطيط والعدل والتي استمرت قرابة الثماني شهور في اطار اجتماعات اللجنة الوطنية لوضع نظام الحد الادنى للاجور التي شكلها مجلس الوزراء بقيادة وزير العمل، حيث نجح الفرقاء الثلاثة بالوصول الى توافق حول نظام الحد الادنى للاجور يشكل قاسما مشتركا لمصالح العاملين واصحاب العمل.
وينص الاتفاق الذي وقع من قبل أطراف العمل الثلاث: القطاع الخاص، والنقابات العمالية، والحكومة، على أن يكون الحد الأدنى للأجور الشهري في جميع مناطق السلطة الوطنية وفي جميع القطاعات 1450 شيقلا، وأن يكون الحد الأدنى للأجور لعمال المياومة، خاصة العاملين بشكل يومي غير منتظم إضافة إلى العمال الموسميين، 65 شيقلا يوميا، وأن يكون الحد الأدنى للأجور لساعة العمل الواحدة للعامل 8.5 شيقل.
ويشير التقرير العالمي الأخير للأجور الصادر عن منظمة العمل الدولية إلى حقيقة مفادها أنه لا يزال عدد العمال الفقراء في البلدان النامية شديد الارتفاع، حيث تُظهر الأرقام الأخيرة أن حوالي نصف الأُجراء والبالغ عددهم (209) مليون عامل في (32) دولة نامية يتقاضون أجراً ما دون (2 دولار أمريكي) في اليوم الواحد، كما أن دول الاقتصاد النامي ليست الوحيدة التي يُعاني الأُجراء فيها من الفقر، فالفقراء الكادحون يمثلون أكثر من 7% من مجموع العمال في الولايات المتحدة و8% من العمال في أوروبا.
ويجب ان يراعي الحد الأدنى للأجور بحيث تراعي احتياجات العمال وأُسرهم، مع مراعاة المستوى العام للأجور في البلاد وتكاليف المعيشة ومزايا التأمينات الاجتماعية ومستويات المعيشة النسبية لفئات اجتماعية أخرى، ومراعاة العوامل الاقتصادية بما في ذلك متطلبات التنمية الاقتصادية ومستويات الإنتاج والرغبة في الحصول على مستويات عالية من الوظائف والاحتفاظ بها، وأكدت الاتفاقية على أنه يمكن تقريب مدى توازن هذه العوامل عن طريق بعض المؤشرات مثل مستوى الحد الأدنى للأجور مقارنة بالأجر الوسيط أو المتوسط أو نسبة العمال الذين تتأثر أجورهم بالحد الأدنى القانوني.
*يتضمن قانون الحد الادنى للاجورالعناصر الاساسية التالية:
1. الحد الادنى للاجر الشهري: 1450 شاقل وقد تم احتسابه تقريبا بقسمة الحد الوطني للفقر 2372 على معدل الإعالة في الأسرة الفلسطينية (عدد العاملين مقسوما على عدد الاسر) 1.6شخص لكل أسرة وهي المعادلة المعمول فيها عالميا.
2. الحد الادنى للاجر اليومي : 65 شاقلا حيث تم احتسابه بما لا يزيد عن المتوسط الحالي 75.8شاقل ولا يقل عن الوسيط الحالي 61.5 شاقل شريطة ان لا يتجاوز عدد ايام العمل بالمياومة متوسطه الحالي للعمل غير الماهر وهو 20 يوما.
3. الحد الادنى لاجر الساعة: 8.5 شاقل.
4. موعد البدء بتطبيق النظام:1/1/2013 .
5. المحددات القانونية في تطبيق النظام والمنصوص عليها بالقوانين المرعية وبشكل خاص قانون العمل.
*اثار قانون الحد الادنى للاجور:
1- من الناحية الاجتماعية، يرى كثيرون أن تطبيق سياسة الحد الأدنى للأجور تبدو مستساغة لأنها تؤدي إلى تحسن مستوى المعيشة للفقراء والطبقات المهمشة في المجتمع، وتسهم في تخفيف الفوارق بين الفئات العمالية المختلفة، وتعمل على تحقيق عدالة أفضل في توزيع الدخل بين أفراد المجتمع. ويعتبر البعض، أن إقرار الحد الأدنى للأجور يساعد على تحقيق وضمان السلم الأهلي وتوفير نوع من العدالة لإنصاف فئات مظلومة من العمال، خاصة من يعملون بالمياومة.
2- من الناحية الاقتصادية، يرى المؤيدون أن تطبيق سياسة الحد الأدنى للأجور سوف يحفز العاملين لتحسين أدائهم ويشجعهم على العمل بشكل أفضل، ما يعني تحسين إنتاجية العمل وزيادة المنافسة في السوق الفلسطينية. كما أن هذه السياسة تحفز الاستهلاك من خلال توفير قوة شرائية للأشخاص ذوي الدخل المنخفض، وبالتالي فهي تسهم في زيادة الاستثمار، ما يؤدي إلى نمو الإنتاج وانخفاض معدلات البطالة.
3- أما المعارضون لتطبيق الحد الأدنى للأجور فيشككون في تأثير ذلك على الفقر، فالذين يحصلون على أجر أقل من الحد الأدنى لا يعيشون بالضرورة تحت خط الفقر، حيث ان نسبة كبيرة منهم لديها مصادر أخرى للدخل في العائلة (عمل الزوج أو الزوجة أو الابن أو الابنة أو غيرهم). كما أن فرض سياسة الحد الأدنى للأجور يؤدي إلى زيادة في تكاليف السلع والخدمات التي تشكل الأجور جزءا منها. وكلما كانت السلعة أو الخدمة أكثر كثافة واستخداما للعمل، كلما أدى تطبيق تلك السياسة إلى ارتفاع أكبر في تكاليف الإنتاج وإلى انخفاض في القدرة التنافسية للمنتجات الفلسطينية (الضعيفة أصلا)، وهذا يعني أن بعض الشركات التي لن تستطيع المنافسة سوف تصفي أعمالها أو تقلل من حجم نشاطها، وبالتالي تستغني عن موظفيها أو عن جزء منهم، ما يعني زيادة في معدلات البطالة والفقر. ومما يزيد من عبء تطبيق هذه السياسة على الاقتصاد أن تأثيرها على المؤسسات والأفراد ليس متساويا، فهي تشكل عبئا أكبر على المؤسسات المحلية الصغيرة مقارنة بالمؤسسات الكبيرة والأجنبية. كما أن معظم الذين يتم الاستغناء عنهم نتيجة ارتفاع الأجور هم من العمال غير المهرة والنساء والعمال صغار السن الذين يدخلون سوق العمل للمرة الأولى، لأن هذه الفئات هي التي تحصل عادة على أجور متدنية، وبالتالي هي الأكثر تأثرا بسياسة الحد الأدنى للأجور.