د. حنا عيسى
في عصرنا الراهن، عصر الشباب والطموحات نحو المستقبل والبناء، يلعب موضوع حقوق الانسان والحريات العامة دورا هاما في اقامة نظام ديمقراطي عصري. وهذا النظام الديمقراطي لا يمكن له ان يحقق ذاته دون ممارسة الحقوق والحريات في ظل دولة قانونية، ولا يكون الا بالمساواة في الحقوق اولا والمساواة امام التكاليف العامة ثانيا .
فالحقوق والحريات المتعلقة بشخصية الانسان هي المتعلقة بكيان الانسان وحياته وهذا ما يطمح له الشباب المعاصر بان تكون جميع الحقوق التي يطمح لها مدونة في القانون الاساسي او ما يسمى بالدستور، منها، حق الحياة، و حق الامن و حرية التنقل، وحق المسكن والعقيدة والراي، وحرية الاعلام والتعليم ، والاجتماع. بالاضافة الى الحقوق والحريات المتصلة بنشاط الانسان كحق العمل وحرية التجارة والصناعة والملكية.
ولتحقيق الحقوق والحريات المذكور اعلاه، لابد من ضمانات كثيرة ومتعددة ومن بين اهم هذه الضمانات، وجود دستور للدولة، والفصل بين السلطات الثلاث، والرقابة على دستورية القوانين، والرقابة القضائية على اعمال الادارة، ومبدا تدرج القواعد القانونية .
ونظرا للاهمية التي تشكلها التربية على حقوق الانسان كمعيار لقياس مستوى تقدم الدول والشعوب، فان الامر لم يعد كافيا من خلال تشكيل وزارات او كيانات تعني بحقوق الانسان، بل اصبح يستلزم ان يتحول هذا الى اهتمام مجتمعي، كما يحصل الان بعد انتفاضات تونس ومصر، حيث على هذا الاساس، فان التربية على المواطنة، وضمنها حقوق الانسان والحريات العامة، تشكل اليوم نقطة رئيسية ضمن اهتمامات منظمات المجتمع المدني والتي تسعى الى خلق مجتمع ديمقراطي كفيل بتحقيق تنمية مستدامة.
ومن خصائص هذه التربية انها تربية انسانية، ذلك انها تتجه على توعية الانسان بحقوقه ، وهي تربية تنويرية عقلانية لانها تؤسس خطابها على مفاهيم تنويرية كالذات والعقل والحرية والتسامح والاختلاف والكرامة والمساواة والديمقراطية والمواطنة، وتربية نقدية لانها تدعو الى اعادة النظر في مختلف القيم والمبادئ والسلوكيات التي تتنافى وحقوق الانسان المواطن، وهي تربية قيمية سلوكية لانها تهدف الى تاسيس نسق قيمي سلوكي جديد يعتمد على اعمال العقل او ينجو الى تحويل في الافكار والاعمال والمواقف .
وعلى ضوء ما ذكر اعلاه، فان التربية على حقوق الانسان تهدف بوجه عام الى تكوين الفرد تكوينا متكاملا. وياخذ بعين الاعتبار كل مكوناته العقلية والمعرفية والسلوكية والوجدانية لجعله على علم نظريا وعمليا بحقوقه وحقوق الاخرين وبواجباته تجاه هذه الحقوق .
لذا فان جميع الامم والشعوب تراهن دوما على الشباب في كسب رهانات المستقبل لادراكها العميق بان الشباب هم العنصر الاساسي في اي تحول ديمقراطي سياسي او اقتصادي او ثقافي او اجتماعي، فهم الشريحة الاكثر حيوية وتاثيرا في اي مجتمع قوي تمثل المشاركة السياسية فيه جوهر التكوين .