سيكولوجية التعصب الديني
أخر الأخبار

سيكولوجية التعصب الديني

 فلسطين اليوم -

سيكولوجية التعصب الديني

د. حنا عيسى

يعتبر الدين روح الانسان وهديه، ومنذ أن وجدت البشرية والانسان يبحث عن إلاه يعبده، ودين يوحده، ورحمة الله بعبده ان هداه الى معرفة خالقه وتوحيده، فللدين أهمية بالغة في حياة الفرد، حيث يؤدب تصرفاته، ويهذب تعاملاته، وبالدين فهم الانسان نشأته وماضيه، وارتأى الى معرفة غاية خلقه ووجوده ومصيره.
فالدين هو الذى يحل ألغاز الوجود ويجيب عن أسئلة الإنسان الكبرى والخالدة من أين أنا؟ و إلى أين أمضي؟ ولم؟، والدين هو نداء لفطرة الانسان التي خلق عليها . فالإيمان الدينى فطرة عامه فى البشر، والدين ضرورى للإنسان، فهو الذى يمنحه الحوافز التى تدفعه الى الخير، كما أن الدين يمنحه الروادع التى تردع الإنسان عن أقتراف الشر والرذيلة، وارتكاب الجريمة بأنواعها، خشية حساب الله عز وجل ، وعقابه فى الدنيا والآخرة. كما يقيم الدين أوثق الروابط بين الإنسان وأخيه الإنسان، بحيث يتجاوز الدم واللون واللغة والإقليم والطبقة، ويجعل الناس إخوة بعضهم لبعض، و يجعل لأخيه ما يحب لنفسه.
وتتحمل دور العبادة من كنائس ومساجد مسؤولية كبيرة في قيادة المجتمع المدني، فالأديان يجب أن تتحالف وتكرس خطاب ديني موحد من أجل وضع أسس أخلاقية وروحية مشتركة، وهذا التحالف والخطاب يجب ألاّ يرمي إلى تصادم، بل يهدف إلى تحرير الإنسان وتحقيق الخير له في مختلف القطاعات ونواحي الحياة، اضافة لنشر الثقة والمسامحة والتضامن، كما عليه أن يسمو إلى تجدد روحي وأخلاقي، بعيدًا عن العنف والكراهية.
إن أهمية الخطاب الديني تنبع من تعريف الانسان سر وغاية وجوده في الارض، ومن أين، وإلى أين يسير، ولماذا؟، ومختلف الاديان السماوية كلها تؤكد أن سر وجود الإنسان أن يعبد الله، والعبادة في أدق تعاريفها هي "طاعة طوعية ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية"، فالخطاب الديني يجب أن يبني الإنسان المؤمن على فهم عميق، ونظرة موضوعية، فهي قيمة علمية، وأن نجعله يتمسك بالخلق، لأن الإيمان هو الخلق، والأنبياء جميعاً إنما بعثوا ليتمموا مكارم الأخلاق، فكلمة مؤمن تعني أنها مرتبة علمية، وخُلقية، وجمالية، ويجب لهذا الإنسان الذي يعبد خالق الأكوان أن يؤمن بكل خلية في جسمه، وبكل قطرة في دمه أن الإنسان أخو الإنسان.
كما إن الأصل في الخطاب الديني هو الاعتدال، لكن طرأت على الأمة مراحل علا فيها أصوات التطرف، والمجتمع الانساني بطبيعته يوجد فيه المتطرف والمعتدل حسب ظروف ونفسيات تتعلق بالمتطرف والمعتدل نفسه، لكن في حالة استقرار الأمة فإن أصحاب الغلو لا يجدون مجالاً للتمدد في مساحة الأمة، بل ينحصرون على أنفسهم و يتبوتقون بحيث لا يكون لهم أثر على واقع الأمة، إلى أن تمر الأمة بمراحل ضعف، فإذا مرت الأمة بمرحلة ضعف بدأت فرصة التمدد للآراء الشاذة استغلالاً للضعف، فالمتشدد لا يمكن أن يستمر، فالتطرف والتشدد بطبيعته منفر، والاعتدال هو الأصل في الخطاب الديني المسيحي الاسلامي .
ويجب اعتماد الاعتدال كاساس مهم في الخطاب الديني، اضافة لنبذ التطرف للمساعدة في البناء بدلا من التهديم، حيث يجب أن يركز الخطاب الديني على الإرشاد والتوجيه بدلاً من التحريض والتخوين، فثقافة العنف لايمكن أن تساعد في البناء، فوضع خطاب ديني معتدل يؤدي بالنهاية الى عدم التشدد والفوضى والشتائم والسباب ونبذ الآخر والإساءة إليه، وبالتالي الحفاظ على المصلحة العامة، والحفاظ على الأمن والسلم الاجتماعي، ووأد الفتنة الطائفية من خلال خطاب دينى متزن معتدل.
وهناك العديد من الاسباب التي تدفع بالفرد الى الغلو والتطرف في دينه، والتي يجب ان يتم معالجتها للنهوض بمجتمع معتدل ومتزن، منها غياب القدوة داخل الأسرة؛ حيث أن الشاب ينشأ على سلوك أبيه ويقلده في طريقة كلمه وتفكيره؛ وبالتالي ينعكس في خطابه. ومنها الخلل في مناهج الدراسة خاصة العلوم التطبيقية التي لا تنتهي مقرراتها بزرع الخشية وحقائق اليقين في نفوس الطلاب. ومنها التعصب للجماعة أو الطائفة، والخطاب الديني العاطفي غير المبني على علم ومعرفة.
ومن الأسباب الدافعة للغلو والتطرف في الدين هو اليأس والقنوط بسبب الفشل في غايات وأهداف تتعلق بضرورات الحياة، حيث يجد في الخطاب الديني متنفساً ووسيلة للتعبير عن الكبت والحرمان. وأيضا النشأة الأسرية المنحرفة، حيث في الغالب يكون الشخص المتشدد في خطابه الديني بكل أنواعه قد نشأ في أسرة تحيط بها المشاكل في جو بعيد عن العلم والمعرفة والسلوك المنضبط. هذا إضافة ان الفاقد التربوي يعتبر سبب نفسي قوي؛ حيث أن العلم والمعرفة والذكاء والفطانة يجنبان الشخص التشدد والغلو والتطرف.
ولبناء خطاب ديني معتدل، فإنه يتوجب إصلاح مناهج التعليم عن طريق التأصيل للعلوم والمعارف الطبيعية، والعمل على تقديم القدوة الصالحة في الخطاب الديني بمختلف أنواعه من قيادات لها كارزمة، والقيام بإدخال الوسائط الحديثة فيه، وحث الأذكياء على الخطابة وذلك بالالتحاق بالمعاهد الدينية ولو بعد التخرج، والعمل على معالجة الخطاب الديني بالفكر وليس بالعنف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيكولوجية التعصب الديني سيكولوجية التعصب الديني



GMT 06:25 2025 الأحد ,20 إبريل / نيسان

زيارة سعوديّة مفصليّة لطهران

GMT 06:19 2025 الأحد ,20 إبريل / نيسان

فصح حزين على ما يجري للأمة وفلسطين

GMT 06:15 2025 الأحد ,20 إبريل / نيسان

مدهش أم مثير

GMT 06:08 2025 الأحد ,20 إبريل / نيسان

إيران وخداع التسريبات

GMT 06:00 2025 الأحد ,20 إبريل / نيسان

قُبلة الموت من الشمس!

GMT 04:41 2025 الأحد ,20 إبريل / نيسان

أيّ تسريع لتاريخ المنطقة وأيّ إبطاء؟

GMT 04:37 2025 الأحد ,20 إبريل / نيسان

السعودية وإيران... ويأتيك بالأخبار من لم تزود

إطلالات النجمة يسرا المدهشة من فساتين الكاب إلى الجمبسوت

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تتميز دائماً النجمة يسرا بإطلالتها الأنيقة بمختلف الأوقات، ولكن لا زالت تحتفظ بأناقتها مع مرور السنوات. واحتفالاً بعيد ميلادها قررنا أن نشارككِ أبرز صيحات الموضة التي حرصت على اختيارها النجمة يسرا بمختلف الأوقات سواء بالحفلات والمهرجانات، والتي ساعدتها في الحصول على مظهر أنيق ورائع يخطف الأنظار. الفساتين بموضة الكاب اختيار يسرا كانت فساتين السهرة بموضة الكاب من أكثر الصيحات المفضلة لدى النجمة يسرا عند ظهورها على السجادة الحمراء في مختلف دول العالم. حيث اختارت الفستان العاجي المطرز بتفاصيل ذهبية، وذلك عند حضورها حفل الأوسكار 2020. لهذا تميل دائماً لاختيار هذه الموديلات من توقيع المصممين العرب مثل زهير مراد وإيلي صعب وجورج حبيقة. اختارت أيضاً الفستان السماوي بموضة الكاب بأقمشة الشيفون بشكل ناعم مفعم بالأنوثة خلال حضورها �...المزيد

GMT 07:33 2025 الأحد ,20 إبريل / نيسان

محمد إمام خارج منافسات عيد الأضحى
 فلسطين اليوم - محمد إمام خارج منافسات عيد الأضحى

GMT 16:57 2020 الأربعاء ,12 آب / أغسطس

الموت يغيب الفنان المصري سناء شافع

GMT 19:35 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

"مايكروسوفت" تحذر من خطر يهدد ملايين الحواسب

GMT 23:35 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

العلاقة الطيبة مع الجيران تنقذك من الموت بأزمة قلبية

GMT 09:43 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

يوسف شعبان

GMT 01:01 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

الفنانة الراحلة زبيدة ثروت تطلب دفنها بجوار عبد الحليم حافظ

GMT 09:44 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

اتيكيت استقبال شهر رمضان

GMT 22:53 2020 الثلاثاء ,21 إبريل / نيسان

دي إس تستحدث موديلات كهربائية من "DS3" و"DS7"

GMT 08:29 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

قوة العمارة الجيدة تبدو واضحة في منزل بني على قبو سجن قديم

GMT 00:49 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

عبير صبري تكشف سعادتها بردود الفعل تجاه الطوفان

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday