د. حنا عيسى
شكل جدار الفصل العنصري كابوساً مرعباً لأهالي بيت جالا ولا سيما في منطقة الكريمزان، حيث كان سيؤدي الى عزل الدير عن مدينة بيت جالا، ما يعني إغلاق فسحة الراحة والتنزه والاصطياف الأولى في المدينة، من خلال فصل المناطق الخضراء، بكل ما فيها من أشجار الزيتون والعنب والمشمش واللوزيات، ومصادر طبيعية ومائية ومناطق مفتوحة، عن القسم العمراني من بيت جالا بنظام البوابات المغلقة. فكانت 58 عائلة مهددة بخسارة أراضيها خلف الجدار، بحيث تتوقف عملية التنمية المستدامة العمرانية والاجتماعية والاقتصادية.
وتعود حيثيات قضية منطقة الكريمزان في بيت جالا إلى عام 2006، حيث أصدرت سلطات الجيش أوامر عسكرية لإقامة جدار الفصل العنصري في المنطقة، بشكل يسبب ضرراً جسيماً لأهالي المدينة ولأديرة السلزيان الواقعة في تلك المنطقة. الا ان الاهالي في المنطقة لم يقبلوا بالامر الواقع بل كافحوا قرارات الاحتلال وعنصريته، حيث قدم المحامي غيث ناصر التماساً للمحكمة العليا الاسرائيلية باسم بلدية بيت جالا وباسم أهالي المدينة ضد سلطات الجيش الإسرائيلي، وبتاريخ 2/4/2015م جاء قرار الحكم، حيث رفضت المحكمة المصادقة على مسار الجدار الذي كان مقترحاً من قبل الجيش لإقامة الجدار بل وأمرت الجيش بالبحث عن مسار بديل في المنطقة. وقد صدر هذا القرار بعد نضال قانوني دام تسعة أعوام.
وكانت تقدمت بلدية بيت جالا وأهالي المدينة في عام 2006 باعتراض على المخطط أمام لجنة الاعتراضات التابعة لمحكمة الصلح في تل ابيب. ومن ثم انضم إلى هذا الأعتراض عام 2010 دير راهبات السلزيان، الذي اعترض هو الآخر على مخطط الجدار، والذي يفصله عن المدينة، لا سيما وان الدير يشتمل على مدرسة وحضانة أطفال لخدمة اهالي مدينة بيت جالا والقرى المجاورة.
وفي عام 2012 إعترض دير رهبان الكريمزان أيضا على هذا المخطط أيضا أمام المحكمة، وطلب ضمه إلى مدينة بيت جالا وعدم فصله عنها بأية شكل من الأشكال. وقد قام الجيش بتغيير مسار الجدار مرتين في أعقاب الاعتراضات، حيث أضاف إلى مسار الجدار مقطعا جديدا وفقا له يتم ضم دير الراهبات إلى مدينة بيت جالا، بعد أن يحيط المسار الدير المذكور من الجهات الثلاثة ويؤدي إلى تقسيم أراضيه. وبعد سماع الاعتراضات والشهادات أصدرت لجنة الاعتراضات في تل أبيب قرارا يصادق على مسار الجدار المقترح من قبل الجيش. وقد أعتبر المحامي ناصر أن هذا القرار هو قرار خاطئ يسيء بشكل كبير إلى أهالي مدنية بيت جالا، حيث أن مسار الجدار يسبب أضرارا جسيمة إلى أهالي المدينة، قد يكون تأثيرها على أهالي المدينة لأجيال عدة. وعليه، طلب المحامي ناصر من لجنة الاعتراضات، تجميد القرار الذي صدر عنها، ريثما يتسنى له، الاستئناف على القرار المذكور أمام المحكمة العليا.
وفي الحكم الذي أصدرته لجنة ترأسها 3 قضاة على رأسهم رئيس المحكمة العليا السابق، قبلت المحكمة الالتماس وطلبت دراسة بدائل أخرى أقل ضررا على الأديرة وسكان وملاك الأراضي في وادي الكريمزان، هذا وقد أكدت المحكمة بأن المسار المخطط له من قبل وزارة الجيش الإسرائيلي هو ليس المسار الوحيد الذي من شأنه المحافظة على "الأمن" وفي نفس الوقت التسبب بأقل ضرر حسب ما يتطلبه القانون الإسرائيلي الإداري، ولكن لم تقتنع المحكمة بأن المقترح البديل الذي تقدم به الملتمسون ببناء الجدار في مسار أقرب إلى الخط الأخضر أفضل من مسار الجيش أو أنه سوف يحافظ على الأمن، مع العلم بأن هذا المقترح تقدمت به لجنة الامن والسلام، وهي منظمة مكونة من قادة وضباط جيش إسرائيلي سابقين. كما وأوضحت المحكمة بأنها تجد اشكاليات في البدائل الأخيرة التي اقترحتها وزارة جيش الاحتلال بالإبقاء على التواصل بين الديرين عبر فتحة بالجدار وتسييج الطريق الواصل بينهما أو تسييج دير الرهبان.
وفي اطار فعاليات مناهضة جدار الفصل العنصري اقيم قداس وصلاة دينية بمشاركة العديد من الفعاليات الوطنية والدينية واهالي بيت جالا، وحضر القداس العديد من ممثلي المؤسسات المختلفة، حيث ترأسه الاب ابراهيم الشوملي راعي كنيسة اللاتين بمدينة بيت جالا، الذي اكد على ان هذه الارض الفلسطينية ارض عربية ولد فيها الفلسطينيون وعاشوا الاف السنوات قبل مجيئ الاحتلال الاسرائيلي مشيرا الى ان شجر الزيتون الذي نصلي تحته وهذه الارض التي يدفن فيها الاباء والاجداد وتعتبر هدفا للجدار الاسرائيلي، مؤكداً على ان لا سلام دون عودتها لاصحابها وان الجدار والحصار والعزل لن يستطيع تغيير تاريخها وقداستها. معرباً عن امله بان ينتبه العالم الى الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني ويعمل بكل جد واجتهاد من اجل انهاءه ليعيش الجميع بسلام ومحبة.
ويعتبر دير الكريمزان المكان المفضل للعائلات في بيت لحم والتي تسعى للراحة والاستمتاع بالمناظر الرائعة سواء بالرحلات العائلية او المدرسية او رياضة المشي في الاحراش،ويقع الدير في بيت جالا على اراض متدرجة مليئة باشجار الزيتون والبيوت القديمة. وقد قام ببنائه الاب بيلوني ليكون دار للكهنة والرهبان في الاراضي المقدسة.
كانت بداية ابتلاع أراضي بيت جالا عام 1967 بنسبة 22%، لتعديل مخطط 'القدس الكبرى' كما يدعي الاحتلال، وللاستمرار في بسط السيطرة من خلال بناء مستوطنتي 'جيلو' في العام 1971 على 1117 دونم من أراضي المدينة، و'هار جيلو' في العام 1972 على 314 دونم، ليكون ربط المستوطنتين ببعضهما جزءاً من مرامي الجدار.