د. حنا عيسى
المعلومات (الاعلام Information: من اللاتينية Information – اعلام – مفهوم مركزي من مفاهيم السيبرنيطيقا, لا يدل فقط على المعلومات التي يتناقلها الناس من خلال العشرة, وانما يدل, في المقام الاول, على خاصية اساسية للواقع الموضوعي, ترتبط بوجود نوع متميز من العمليات فيه, تدعى بالعمليات المعلوماتية (الاعلامية). ومثال على ذلك – الاحتكاك بين الناس, وعمل منظومة معينة من منظومات التحكم الالي – وتكيف الكائن الحي مع ظروف وجوده المتغيره, والانتقال الوراثي لسمات الاباء الى الانبياء, ومعرفة العالم بواسطة الذهن البشري. وقد اتاح مفهوم "المعلومات" ("الاعلام") رصد وابراز العام في هذه العمليات, الجد مختلفة للوهلة الاولى. وثمة جوانب عدة لمفهوم "المعلومات". فهناك, في المقام الاول, الجانب الداخلي, او النبوي, الذي يعكس درجة تنظيم الموضوع (المنظومة). فكل منظومة تنطوي على كمية المعلومات, التي تلزمها لتكون منظومة, لكي تنتقل من الحالة العشوائية الاولية الى حالتها المنظمة المعنية. ومثال على ذلك ان المعلومات البنيوية, التي ينطوي عليها الجسم البشري (او, بعبارة اخرى, المعلومات الضرورية لبناء مثل هذا الجسم من جزيئات منفردة), وفضلاً عن المعلومات البنيوية, التي تمثل التركيب الداخلي للموضوع المعني, هناك معلومات "النسبية", او "الخارجية" التي تعكس العلاقة بين موضوعين ( او عمليتين ). تلك هي المعلومات عن عملية معينة, المتضمنة في عملية اخرى.
وهي تظهر عندما تكون العمليتان متوافقتين (اي تكون احداهما بمثابة انعكاس للاخرى). وتنقسم المعلومات النسبية الى "احتياطية" و "فعلية". فالاحتياطية تكون في الطبيعة غير الحية, حيث تكون من الاهمية, بالنسبة للشيئ المعني, التغيرات التي يحدثها فيه شيئ اخر, وليس كون هذه التغيرات تنطوي على معلومات عن ذلك الشيئ. بعبارة اخرى: هنا توافق بين عمليتين(شيئين, منظومتين), ولكنه ليس عاملاً من عوامل وجودهما (سلوكهما). وتغدو المعلومات "فعلية" عندما يصير لها شأن الاشارة, وتصبح عاملاً لوجود المنظومة, وتظهر عمليات معالجة المعلومات – العمليات الاعلامية. ويظهر ذلك بظهور الحياة. ولنظرية المعلومات (نظرية الاعلام, الاعمياء, الانفودماتيك) اهمية فلسفة كبيرة. فهي, بفهمها للمعرفة لوناً من العمليات الاعلامية, انما تتكشف عن مداخل جديدة الى حل عدد من المشكلات الفلسفية الهامة: مشكلة الانعكاس كخاصية عامة للمادة, ومشكلة التفكير كوظيفة للمادة الرفيعة التنظيم وغيرها.