عادل عبد المهدي والفرصة الأخيرة
آخر تحديث GMT 12:11:16
 فلسطين اليوم -

عادل عبد المهدي والفرصة الأخيرة

 فلسطين اليوم -

عادل عبد المهدي والفرصة الأخيرة

بقلم : مصطفى فحص

لن يتردد رئيس الوزراء العراقي المكلف الدكتور عادل عبد المهدي، في تقديم اعتذاره عن تشكيل الحكومة، إذا ما أصرت القوى السياسية العراقية على مطالبها في الحصول على حصصها الوزارية، كما أنه لن يتردد مستقبلاً في تقديم استقالة حكومته، إذا أقدمت الأطراف المشاركة فيها على عرقلته في تنفيذ مشاريعه، أو حاولت فرض أجندتها عليه، فعبد المهدي الذي اُختير لكونه شخصية مستقلة غير محسوبة على جهة سياسية، لا يُلزمه وجوده على رأس الحكومة حماية مصالح أطراف معينة، ما يسهل عليه الخروج من السلطة بأقل الخسائر والابتعاد عن مستنقع الأزمات التي تراكمت على مدى 15 سنة، وذلك نتيجة صعوبة التعايش الذي قد تواجهه مستقبلاً مع أطراف لم تُقدر حتى الآن حجم المأزق الذي وصلت إليه العملية السياسية، والتي باتت على مشارف نهاية مأساوية، وهي مطالبة الآن بالتخلي ولو قليلاً عن أنانيتها.

ولكن في الوقت الذي يمر فيه الكيان العراقي بأزمة بنيوية، تتمسك هذه القوى بما تبقى من هيكلية الدولة الزبائنية، وتصارع للحفاظ على دورها الريعي الذي يؤمّن لها حضوراً اجتماعياً وسياسياً، على حساب المصلحة الوطنية، فهذه القوى على الرغم من إعلانها أنها ليست متمسكة بالحصول على حقائب وزارية، فإنها تخوض مفاوضات شرسة في الغرف المغلقة من أجل الحصول على غنائم وزارية توفر لها خدمات اجتماعية ووزارات تستخدم من خلالها ملكيات الدولة العامة في مشاريع حزبية خاصة.

فحتى اللحظة لم تتنازل هذه الطبقة السياسية عن مبدأ المحاصصة، لكنها تخلت عن شكلها الكلاسيكي السابق الذي استند إلى أحجام الكيانات العراقية، ولجأت حالياً إلى المحاصصة الحزبية لكي تبرر مطالبها بمواقع وزارية كونها تستند إلى استحقاقات انتخابية، وقد عبر عن هذا التوجه الجديد المتحدث باسم كتلة الفتح النائب أحمد الأسدي، الذي أكد أن «المحاصصة ستكون وفق التحالفات السياسية وليس على أساس حصص المكونات من الشيعة والسنة والأكراد». موقف الأسدي الذي يمثل ميليشيات الحشد الشعبي في البرلمان العراقي يتناقض كلياً مع الموقف الذي روّجت له كتلة الفتح سابقاً بأنها غير متمسكة بالحصول على حقائب وزارية، ويكشف عن نيات مسبقة لعرقلة دعوات الدكتور عبد المهدي إلى تأليف حكومة من شخصيات تكنوقراط مستقلة، خصوصاً أن الرئيس المكلف كان قد أعلن مسبقاً رفضه أي مرشح مستقل من الأحزاب لشغل منصب حكومي، فقد اعتبر عبد المهدي أن «المستقل الذي سيرشَّح عن طريق الأحزاب قد لا يبقى مستقلاً على الأغلب». فشخصية عبد المهدي المركبة والمتعددة التجارب أهّلته لشغل مناصب مهمة في مرحلة المعارضة سابقاً وفي مرحلة السلطة لاحقاً، وتأهله في هذه المرحلة للعب دور المنقذ للطبقة السياسية من الانهيار الكامل.

وفي حال فشله في إدارة فترة انتقالية عنوانها إعادة تأهيل العراق إلى مرحلة ما بعد 2003، ستقع المسؤولية على المنظومة الحزبية والعقائدية التي حكمت العراق 13 سنة، واستطاعت تأسيس دولة عميقة سيطرت على مفاصل الدولة ومؤسساتها، وتمكنت من تعطيل كل الإجراءات الإصلاحية حتى التي أتت من داخل منظومتها الحزبية والتي دعا إليها في السنوات الأخيرة رئيس الوزراء السابق الدكتور حيدر العبادي.

وعليه فبعد أن وصلت منظومة المحاصصة الحزبية التي حكمت العراق ما بعد صدام حسين إلى مرحلة السقوط الكامل، وجعلت المجتمع العراقي يواجه واحدة من أخطر الأزمات في تاريخه الحديث التي تهدد كيانه ودولته، لجأت إلى الاستعانة بعبد المهدي باعتباره الفرصة الأخيرة التي يمكن الرهان عليها في إنقاذ ما تبقى من الدولة 2003، خصوصاً أن عبد المهدي يعد آخر حاكم للعراق من مجلس الحكم الذي شُكل بعد عملية تحرير العراق على يد القوات الأميركية، ويُشكل اختياره آخر فرصة لهذه المنظومة من أجل حفظ ماء وجهها، وفي حال تسببت بإفشاله فإنها تكون قد رسمت نهايتها بنفسها، ففي عراق ما بعد عبد المهدي لن تستطيع هذه القوى السياسية المسلحة التي تحاول ترسيخ فكرة الدويلات داخل الدولة الاستحواذ الكامل على الدولة، ففي اللحظة التي سيضطر عادل عبد المهدي إلى مغادرة موقعه دون إتمام مهمته الصعبة، فإن عراقاً آخر سيتشكل، وستتجه الأنظار هذه المرة نحو ساحات المدن الكبرى أو إلى ثكنات الجيش الذي قد يصبح في نظر العراقيين آخر أمل لعبورهم إلى عراق ما بعد 2003.

فعلى الأرجح أنه في الوقت الذي سيكون عبد المهدي في طريقه إلى مسقط رأسه، سيكون شخص غير مدني يستعد لدخول السلطة، إما عبر ساحة التحرير وإما على ظهر دبابة، ليعلن بداية النهاية لحقبة سياسية قد تعيد مشهد السحل إلى شوارع المدن العراقية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عادل عبد المهدي والفرصة الأخيرة عادل عبد المهدي والفرصة الأخيرة



GMT 09:08 2020 الأربعاء ,05 آب / أغسطس

بيروت... لسه الأغاني ممكنة!

GMT 03:14 2019 الجمعة ,12 إبريل / نيسان

ليلة القبض على الحرس الثوري

GMT 08:32 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وأوروبا... فُقدان الثقة

GMT 05:38 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا على توقيت ساعة الكرملين

GMT 06:13 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

بغداد... «انقلاب 3 أيلول»

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

أميركا توسع قائمة العقوبات ضد إيران

GMT 21:49 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

انتقال النسخة الـ23 من بطولة كأس الخليج إلى الكويت

GMT 16:12 2016 الخميس ,30 حزيران / يونيو

أجنحة الدجاج بالليمون والعسل

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

استبعاد تاج محل من كتيب السياحة الهندي يُثير السخرية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday