سوريا فشل الحلول المجتزأة
آخر تحديث GMT 21:08:42
 فلسطين اليوم -

سوريا... فشل الحلول المجتزأة

 فلسطين اليوم -

سوريا فشل الحلول المجتزأة

بقلم : مصطفى فحص

لم يكد حِبر البيان المشترك للرئيسين الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين حول مستقبل التسوية في سوريا، الذي وقعّاه على هامش قمة آبيك في فيتنام، يجف حتى أعلن الجانب الروسي رفضه (!) محاولاتِ واشنطن فرض قراءتها لبعض بنود اتفاق «خفض التوتر»، ووصفها بـ«التأويلات الأميركية الخاطئة» لمضمون التوافق الذي جرى بين عَمان وموسكو وواشنطن حول مناطق الجنوب السوري المحاذية للأردن وإسرائيل، التي تشكل أهمية استراتيجية قصوى للولايات المتحدة، باعتبار أن الخلل في التوازن العسكري في هذه المناطق سيؤدي حتماً إلى تصادم إقليمي سيدفع الأردن وإسرائيل إلى الانخراط المباشر في الصراع السوري، نظراً لرفض البلدين اقتراب ميليشيات إيرانية من حدودهما، إلا أن تل أبيب لم تنتظر لكي تختبر جدية موسكو في تعهدها إبعاد الميليشيات الإيرانية عن حدودها، وأعلنت أنها «ستبقي على ضرباتها العسكرية عبر الحدود مع سوريا لمنع أي انتهاكات من جانب القوات المتحالفة مع إيران حتى مع محاولة الولايات المتحدة وروسيا تثبيت وقف لإطلاق النار في المنطقة». وعلى ما يبدو أن موسكو حاولت التملص من تعهداتها التي التزمت بها في التفاهم الثلاثي حول جنوب سوريا، والتي تقضي، بحسب الخارجية الأميركية، إلى انسحاب جميع الميليشيات الإيرانية لمسافة تتراوح ما بين 15 إلى 20 كيلومتراً عن الحدود الدولية، والإبقاء على فصائل الجيش الحر منتشرة في هذه المناطق حتى التوصل إلى تسوية شاملة، وقد لجأت موسكو إلى التذرع بأنها لم تقدم أي التزام بهذه البنود، وأنها وعدت ببحثها مع نظام دمشق.

يكشف اختلاف المواقف الروسية وتغيرها عن طبيعتين في سلوك موسكو في سوريا، التي يقابلها في بعض الأحيان غض طرف أميركي، فحتى اللحظة يبدو الاشتباك الأميركي - الروسي محصوراً في الوجود الإيراني على حدود سوريا الجنوبية، وتبدو موسكو ومن خلفها طهران جاهزة للتفاهم حول هذا البند من الاتفاق مقابل غض قوات التحالف الطرف عن الدور الذي تلعبه إيران وميليشياتها في باقي المناطق السورية، حيث تسيطر على أجزاء كبيرة من دمشق وريفها الجنوبي وعلى طول الشريط الحدودي مع لبنان، إضافة إلى الدور الكبير الذي تقوم به ميليشيات الحشد الشعبي بغطاء جوي روسي في المناطق الشرقية، حيث معارك الكَرّ والفَرّ مستمرة للسيطرة على البوكمال، التي حال نجحت إيران في طرد «داعش» منها مرة ثانية ستكون قد حققت واحداً من أهم أهدافها الاستراتيجية بربط طهران ببيروت عبر البادية العراقية والسورية بممر آمن وصفته طهران بطريق الحرير الإيراني من بحر قزوين إلى البحر المتوسط، الذي يشكل خللاً كبيراً في موازين القوى الإقليمية، وعلى حساب مصالح الأمن القومي العربي.

نجحت موسكو في سوريا في فرض وقائع عسكرية وسياسية تتلاءم مع أهدافها بعيداً عن منطق التاريخ وثوابت الجغرافيا؛ وقائع تلغي إمكانية التغيير، خصوصاً بعدما نجحت موسكو في فرض قراءاتها للحل السياسي، حتى وإن لم يأتِ البيان المشترك في فيتنام على ذكر مسار آستانة أو مؤتمر سوتشي، فإن العودة لمسار جنيف والقرار 2254 يسلك طريقاً روسياً يفرض شروطه على السوريين الذين باتوا عاجزين عن مواجهة الإملاءات الروسية، بعد أن تخلت واشنطن عن دعمهم، وتراجع الدور العربي والأممي، فتمكنت موسكو حتى اللحظة من الانقلاب على مضمون جنيف 1 و2، واكتفت بالحديث عن القيام بإصلاحات دستورية وإجراء انتخابات حرّة نزيهة، ولكن دون التحديد إذا كانت برلمانية أم رئاسية، وقبولها بطريق فضفاضة مشاركة السوريين بالخارج في الانتخابات بإشراف أممي دون تحديد آلية لذلك، ونجحت ليس فقط في إبعاد الحديث عن مرحلة انتقالية، وعدم التطرق إلى مصير الأسد، بل إنها جعلت إمكانية ترشيحه أمراً ممكناً. هذا الموقف الروسي الصريح من الأسد والمرحلة الانتقالية هو الرد الأوضح على كلام الاستهلاك الأميركي المستمر منذ اندلاع الثورة السورية سنة 2011، الذي عاد وكرره وزير الخارجية الأميركي تيلرسون منذ أيام بأن حكم عائلة الأسد قد انتهى، ولكن تيلرسون لم يُخبر المعارضة السورية ولا الدول العربية ولا العالم عن كيفية إبعاد الأسد عن السلطة في ظل الاستسلام الأميركي أمام الشروط الروسية في سوريا.

تنشغل واشنطن في منع الاصطدام في جنوب سوريا تجنباً لاشتعال نزاع إقليمي، ولكن ما يحدث في سوريا نتيجة سلوك روسي لا يهيئ لحل سلمي للصراع، بل يدفع المنطقة إلى مزيد من التوترات جرّاء استقواء طهران بمواقف موسكو التي تدفعها إلى مزيد من الاستفزازات العسكرية والسياسية التي قد تتسبب ليس فقط باستمرار الحرب السورية، بل اندلاعها في أماكن أخرى، وهو مخالف لرغبة واشنطن التي عليها أن تُعيد ضبط ساعتها على توقيت دول المنطقة ومصالحها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا فشل الحلول المجتزأة سوريا فشل الحلول المجتزأة



GMT 09:08 2020 الأربعاء ,05 آب / أغسطس

بيروت... لسه الأغاني ممكنة!

GMT 03:14 2019 الجمعة ,12 إبريل / نيسان

ليلة القبض على الحرس الثوري

GMT 08:32 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وأوروبا... فُقدان الثقة

GMT 06:43 2018 الخميس ,18 تشرين الأول / أكتوبر

عادل عبد المهدي والفرصة الأخيرة

GMT 05:38 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا على توقيت ساعة الكرملين

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:06 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر
 فلسطين اليوم - الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر

GMT 17:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25
 فلسطين اليوم - "نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات

GMT 16:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أحدث تصاميم ديكور لحدائق المنزل

GMT 17:03 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

اعتقال موظف وعشيقته داخل مقر جماعة في شيشاوة

GMT 12:46 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

العقوبات الأميركية تطال منح الطلاب الفلسطينيين في لبنان

GMT 09:52 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

قناعاتنا الشخصية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday