بقلم - د. وحيد عبدالمجيد
الحديث عن إرهابيين مصريين عائدين من سورية والعراق بعد تضييق الخناق على تنظيم «داعش» فيهما ليس جديداً، وكذلك النصائح بشأن ضرورة الانتباه إلى أنهم باتوا يملكون خبرة واسعة فى أعمال التفجير والتفخيخ، بعد أن تعلموا فى أكبر «مدرسة» للإرهاب. ولذلك لا تجوز مقارنتهم بمن أُطلق عليهم العائدون من أفغانستان، والبوسنة أيضاً، فى تسعينيات القرن الماضى، لأنهم كانوا تلاميذ مبتدئين قياساً إلى هؤلاء.
وتفيد المعلومات الأولية المتوافرة عن الإرهابيين اللذين نفذا جريمتى الكنيستين فى طنطا والإسكندرية أنهما عائدان من سوريا التى توجها إليها فى أواخر عام 2013, الأمر الذى يثير أسئلة تُمثَّل إجاباتها مداخل أساسية إلى بلورة رؤية متكاملة لمواجهة أخطار الإرهابيين العائدين، ومن هذه الأسئلة ما يبدو بديهياً مثل: متى عادا إلى مصر على وجه التحديد، وهل كانت عودتهما عبر أحد المطارات أو الموانئ إذا لم تكن هناك ملفات أمنية لهما قبل خروجهما من مصر، أم أنهما عادا متسللين عبر الحدود مع ليبيا.
وثمة سؤال آخر عن تحركاتهما عقب عودتهما. فهل توجها إلى الإسكندرية وطنطا بشكل مباشر، وكيف نجحا فى تجنب رصد تحركاتهما ولقاءات كل منهما مع الفريق الذى عاونه فى الإعداد للجريمة معلوماتياً ولوجستياً، أم أنهما توجها أولاً إلى القاهرة الأوسع والأكثر ازدحاماً حيث تصبح فرص رصدهما أقل، أم تراهما ذهبا إلى سيناء أولاً إذا كانت لديهما تعليمات بذلك من قيادتهما فى سوريا، أو لنقل رسائل منها إلى أتباع «داعش» هناك. وفى هذه الحالة لابد أن يُثار السؤال عن كيفية دخولهما سيناء، ثم خروجهما منها، رغم الإجراءات المشددة التى تجعل الانتقال منها وإليها بالغ الصعوبة.
وفضلاً عن ذلك، تفتح الجريمتان باباً جديداً لمراجعة بعض الافتراضات الشائعة عن نوعية المتطرفين الذين ذهبوا إلى سوريا للالتحاق بتنظيم «داعش»، وخاصة افتراض أنهم صغار السن على أساس أن جاذبية هذا التنظيم فى أوساط الصبية والشباب كانت أكبر من غيرهم. فالمعلومات الأولية تفيد أن إرهابى طنطا يبلغ عمره 43 سنة، وأن إرهابى الإسكندرية ذا السبعة والعشرين عاماً ليس صغيراً جداً أيضاً. والحال أننا فى حاجة إلى بحث أكثر عمقاً فى كثير من جوانب الطور الراهن من الإرهاب لاختيار افتراضات لم تُخضعها للدراسة التى تستحقها.