بقلم - د. وحيد عبدالمجيد
لا أعرف معنى محدداً لعبارة “سينما المرأة”. ولكن أعرف أن الكثير من أبرز أدبيات العالم يرفض ما يسميه البعض “أدب المرأة” أو “الأدب النسائى”. ولم أجد ما يدل على معنى يمكن فهمه لسينما المرأة فى مهرجانين متتاليين نُظما تحت هذا العنوان فى أسوان والقاهرة فى الفترة الأخيرة.
حاولت البحث دون جدوى عن جديد فى أى من المهرجانين يبرر تخصيصه للمرأة, وتميزه عن مهرجانات السينما المعتادة التى تتضمن عروضاً لأفلام مختارة، وتقدم جوائز لأفضل فيلم وإخراج وتصوير وسيناريو وممثل وممثلة، وغير ذلك.
كل ما اختلف فيه مهرجان أسوان مثلاً إطلاق أسماء نسائية على هذه الجوائز (إيزيس آلهة الأمومة لدى الفراعنة، وآسيا داغر، وبهيجة حافظ، وسعاد حسنى، ونادية لطفى، ولطيفة الزيات، ورشيدة عبد السلام). وأسعدنى وجود جائزة باسم الناقد الكبير الرائع سمير فريد أيضاً.
وفى الوقت الذى لم ينجح مهرجانان كبيران فى اقناعنا بأن هناك سينما قائمة بذاتها تسمى سينما المرأة، بل أوحيا بوجود تفرقة غير مفهومة، تضمن أحد الأفلام المعروضة فى دور العرض نظرة عنصرية كامنة تجاه المرأة، رغم أنه يبدو فى ظاهره مدافعاً عن حقوقها.
وربما يعود ذلك إلى السطحية الغالبة فى فيلم “آخر ديك فى مصر”، سواء فى موضوعه الباهت، أو شخصياته التى تفتقر إلى أى عمق، أو السيناريو المفكك الذى يحاول انتزاع ضحكات عن طريق “قفشات” لا علاقة لها بالكوميديا.
وتبلغ السطحية ذروتها فى نهاية الفيلم، التى تحمل اعتذار بطله عن كراهية المرأة التى ورثها عن أبيه، وتأكيد أن نظرته إلى النساء تغيرت0 ولا يخفى هنا أننا إزاء إعادة إنتاج مسطحة لأفلام عدة أنتجت منذ عقود. وليست مفارقة، والحال هكذا، إنه حين يريد هذا البطل الإشادة بامرأة يقول إن اسمها يجب أن يكون أشرف أو عباس، كما لو أن النساء لا يصبحن جديرات بالتقدير إلا إذا “استرجلن” أو حملن أسماء رجال.
ولا وصف لهذا الموقف إلا أنه عنصرى ينطوى على تمييز يزداد فى ثقافة المجتمع، التى أصبحت أكثر تخلفاً الآن مما كانت عليه منذ ثمانية عقود حين بدأت حركة التحرر الاجتماعى تؤتى ثمارها قبل أن تنتكس فى العقود الخمسة الأخيرة.