بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
عندما اندلعت ثورة 1919، كان محمد صبرى السوربونى فى باريس لدراسة التاريخ الحديث فى جامعة السوربون، حيث حصل على الليسانس فى العام نفسه، وواصل دراسته إلى أن نال درجة الدكتوراه عام 1924 فى موضوع كان جديداً فى حينه، وهو نشأة الروح القومية فى مصر.
لم يكن اهتمامه بهذا الموضوع العامل الوحيد الذى دفعه إلى التفكير فى إصدار كتاب عن ثورة 1919، التى تفاعل معها وسعى إلى التعريف بهدفها، ثم وضع نفسه فى خدمة الوفد المصرى عندما وصل إلى باريس برئاسة سعد زغلول لعرض قضية استقلال مصر فى مؤتمر الصلح.
كان التشويه الذى حدث للثورة العرابية بسبب عدم توثيق أحداثها فى حينها ماثلاً فى ذهنه، عندما بدأ فى تدوين أحداث ثورة 1919 لإصدار كتاب عنها0 وصدر الكتاب بالفرنسية فى جزءين بين عامى 1919 و 1921. لكنه لم يصدر باللغة العربية إلا عام 2004، بعد أن ترجمه مجدى عبد الحافظ وعلى كورخانى, ونشره المجلس الأعلى للثقافة تحت عنوان الثورة المصرية من خلال وثائق حقيقية وصور التُقطت فى أثناء الثورة.
ولذلك، فرغم أن كتاب صبرى السوربونى يُعد الأول عن ثورة 1919، لم تعلم أجيال عدة من المصريين شيئاً عنه إلا بعد أكثر من ثمانية عقود على إصداره حين نُقل إلى العربية.
وصدرت، قبل ترجمته، عشرات الكتب عن ثورة 1919 وزعيمها، والنتائج التى ترتبت عليها. وكان أولها كتاب عباس محمود العقاد المشهور (سعد زغلول .. سيرة وتحية) الصادر عن مطبعة حجازى عام 1936. لكن هذا الكتاب ركز على زعيم الثورة أكثر من أحداثها، ووقائعها، التى كان عبد الرحمن الرافعى أول من وثقها بمقدار ما تيسر له فى مرحلة مبكرة من تطور الكتابة عن تاريخ مصر الحديث، فى كتاب ثورة ( 1919 تاريخ مصر القومى من 1914 إلى 1921) الذى صدر عن دار المعارف عام 1946، ثم كتاب عقب الثورة المصرية الذى صدر بعده بثلاث سنوات عن الدار نفسها.
ولذا، فإذا كان السوربونى هو صاحب الكتاب الأول عن ثورة 1919، فالرافعى هو مؤرخها الأول الذى نبقى معه غداً