بقلم د. وحيد عبدالمجيد
إلقاء القبض على بعض أعضاء تنظيم داعش لا يقل أهمية عن تحرير الموصل منه، لأن إخضاعهم لتحقيقات معمَّقة يفتح الباب أمام مواجهة أكثر كفاءة ضد الإرهاب. كما أن بعض هذه التحقيقات مفيد لمعرفتنا بالتنظيم الأكثر عنفاً وشراسة فى تاريخ الإرهاب. ولا مبالغة فى القول إن بعض من أُلقى القبض عليهم يُعدَّون ثروة فى هذا المجال، خاصة الداعشيات الأجنبيات اللاتى أُعلن ضبطهن فى أحد الأنفاق قبل أيام وبحوزتهن أحزمة ناسفة، وهن 5 ألمانيات، و4 روسيات بينهن واحدة فقط شيشانية مسلمة, وكنديتان.
وربما يحتاج التحقيق معهن إلى باحث فى العلم الاجتماعى، أو صحفى استقصائى على مستوى رفيع، إلى جانب المُحقّق التقليدى، سعياً إلى اختبار بعض الافتراضات المتعلقة بدوافع الأجانب الذين ينضمون إلى داعش وبالتالى إثباتها أو نفيها. والمقصود هنا أجانب أباً عن جد، وليسوا أبناء أو أحفاد مهاجرين مسلمين. ويثير ذلك سؤالاً بالغ الأهمية عن طريقة تفكيرهم حين قرروا الهجرة إلى الشرق للالتحاق بتنظيم إرهابى، فى الوقت الذى يحلم شباب من هذا الشرق بالهجرة إلى الغرب بأي وسيلة حتى إذا لم تكن آمنة عبر قوارب متهالكة يغرق كثير منها فى الطريق. ومازالت الإجابات عن هذا السؤال تقوم على افتراضات لم يتيسر التحقق من صحتها. ومن أهم هذه الافتراضات الشعور بالسأم والضياع وغياب أفكار جديدة ملهمة فى الغرب بعد تضاؤل الاهتمام بالفلسفات الإنسانية الكلية نتيجة طغيان النزعة العملية. والمقصود هنا شباب يتطلعون بحكم تكوينهم إلى قضايا كبرى تشغلهم يناضلون من أجلها.وثمة افتراض آخر يذهب إلى أن هؤلاء مغامرون بطابعهم، ويجدون أنفسهم فى القيام بأعمال تكتنفها الأخطار، فيذهبون إلى داعش حباً فى المغامرة. ويذهب افتراض ثالث إلى أن انضمام شباب غربيين إلى داعش ينتج عن نمط دعايته الموجهة إلى الغرب، والتى يزعم فيها أنه حركة لتحرير العالم من الهيمنة. وينطبق ذلك على من صدمهم الواقع حين ذهبوا إلى سوريا أو العراق، وسعوا إلى العودة. والحال أن لدينا افتراضات عدة يمكن اختبارها فى حالة إجراء تحقيق معمق مع الأجانب الذين أُلقى القبض عليهم خلال تحرير الموصل.