بقلم - د. وحيد عبدالمجيد
مازال لقوة مصر الناعمة أثرها فى العالم رغم ضآلة العناية بها والاستثمار فيها وعدم وجود مشروع وطنى لتنميتها. يعتمد ما بقى من هذه القوة على جهود مثقفين مصريين تلفت الانتباه فى العالم. ومنها أعمال أدبية تُترجم إلى لغات أجنبية. وآخرها حتى الآن رواية الكاتب الكبير محمد سلماوى “أجنحة الفراشة” التى أصدرها عشية ثورة 25 يناير وحملت نبوءة بها. فما أن نُشرت حتى بدا أنها تتجسد حية فى ميدان التحرير. تُرجمت “أجنحة الفراشة” إلى اللغة الأوردية المنتشرة فى الهند وعدد من البلاد الاّسيوية الأخرى التى تشتد حاجتنا إلى استعادة علاقاتنا التى كانت مميزة معها. ولم يُنقل إلى الأوردية من قبل إلا بضعة أعمال أدبية قليلة لمبدعين كبار مثل العقاد ود. طه حسين والمنفلوطى ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ومحمود درويش وتوفيق فياض.
والحال أن اهتمام الهنود بالترجمة من اللغة العربية قليل للغاية. وقد أحصى الباحث الهندى شاحجهان ماداميات 294 كتاباً فقط مترجمة من العربية، فى ورقة نُشرت عام 2011. ولكن المهم أن معظمها كتب دينية موجهة إلى الهنود المسلمين. ولذلك تُعد ترجمة رواية سلماوى إلى الهندية حدثاً ثقافياً يستحق احتفاءً يليق به إذا كان لدينا إدراك لأهمية العلاقات مع الهند، ولمعنى القوة الخاصة فى مرحلة تطغى فيها الخشونة على علاقاتنا ونقاشاتنا ومعظم أوجه حياتنا. ولو أن لدى هيئاتنا الثقافية وجامعاتنا إدراكاً لأهمية القوة الناعمة لاستثمر بعضها الفرصة لعقد اتفاقات مع مؤسسات هندية لترجمة عدد من الأعمال المصرية إلى الأوردية كل عام. فقد أظهر الاحتفال الذى أقامته جامعة نهرو بهذه المناسبة مدى اهتمام الهنود بالرواية المصرية وخاصة عندما تعالج قضايا مطروحة فى العالم بأشكال مختلفة.
والمتوقع أن يزداد هذا الاهتمام عندما يطلع عليها عدد متزايد من المثقفين وغيرهم من القراء، لأنهم سيجدون فيها عملاً أخاَّذا على المستوى الأدبى، وعميقاً على صعيد دلالاته السياسية والاجتماعية، وقدرة مؤلفه على التعبير عن حالة مجتمع يبحث عن نفسه فى لحظة تحول تاريخى.