بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
استغفال الآخرين، وخداعهم، مرض مُزمن أصاب جماعة الإخوان فى مصر، والكثير من المنظمات والأحزاب والحركات التى سارت على منهجها. المرض قديم، ومتأصل فى المنهج الإخوانى منذ البداية. ولكنه لم يُكشف على أوسع نطاق إلا بعد أن وصل الإخوان فى مصر إلى السلطة، فكشفوا أنفسهم.
وبرغم أن حركات وأحزاباً تتبنى منهج الإخوان التزمت الحذر فى الفترة الأخيرة، يبدو أن المرض صار مستعصيا على العلاج. ويظهر هذا الاستعصاء فى محاولة رئيس حركة مجتمع السلم الإخوانية فى الجزائر عبد الرزاق مقرى استغفال شعب أثبت قدرته على التمييز، عندما رفض مشاركة هذه الحركة، وأى من الحركات والأحزاب المنشقة عنها والقريبة منها، فى الحراك الراهن منذ بدايته. لم تستوعب هذه الحركات الدرس الذى لقنه الجزائريون لها، عندما طردوا أحد قادتها وأتباعه من ساحة البريد المركزى، يوم الجمعة 15 مارس الماضى. وبدلاً من أن تراجع منهجها فى مجمله، ها هى تواصل السعى إلى خداع الناس كما فعل مقرى فى حديثه يوم 14 مايو الحالى عن أن حركة مجتمع السلم ناضلت طويلاً ضد العهد البوتفليقى. وأحد أعراض مرض استغفال الآخرين عدم إدراك أن من رأى شيئاً بأم عينيه لا يمكن أن يصدق عكسه. والحال أن الجزائريين رأوا كيف كانت هذه الحركة مكوناً أساسياً فى تحالف رئاسى أُعلن عام 2004 لدعم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، إلى جانب جبهة التحرير الوطنى، والتجمع الوطنى الديمقراطى. وكان تأسيس ذلك التحالف تتويجاً لدعم متواصل قدمته الحركة لحكم بوتفليقة، وحصلت على ثمنه فى صورة مناصب وزارية منذ عام 1996. وعندما قررت مغادرة التحالف الرئاسى عام 2012، كان قرارها تعبيراً عن انتهازية فجة, وليس عن اقتناع بموقف0 فقد ظنت أن صعود الإخوان فى عدد من الدول العربية سيدعم فرصتها فى الجزائر0 كما ظهرت انتهازيتها فى عدم تخليها عن المناصب الوزارية التى شغلها بعض قادتها رغم انسحابها من التحالف الرئاسى. والمهم أن الجزائريين يعرفون هذا كله، لأنهم عاشوه، ورأوا تفاصيله. لكن المصابين بأمراض الإخوان المزمنة لا يعرفون أن الأغبياء فقط هم الذين يحاولون استغباء الآخرين.