بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
تُختتم اليوم الدورة التاسعة والثلاثون لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى، الذى بات فى حاجة إلى إنقاذ عاجل، بعد أن تراجع ليس على المستوى العالمى فقط، بل مقارنة بمهرجانات عربية أخرى أيضا. ينبغى ألا نضع رؤوسنا فى الرمال. علينا الاعتراف بهذا الواقع لكى نحدد العوامل التى أدت إليه، ونفكر فى كيفية معالجتها.
لم يعد مهرجان القاهرة قادرا على جذب أى من الأسماء الأولى بين مخرجى العالم. ولا حجية لتبرير ذلك بأن الإرهاب يمنع النجوم الكبار فى العالم من الحضور. فقد حضر بعضهم من قبل خلال الموجة الإرهابية السابقة أواخر الثمانينيات والتسعينيات. المهرجان لا يجذب حتى الأفلام المصرية الجيدة, وهى قليلة للغاية. لا يوجد فيلم مصرى فى مسابقة المهرجان الرسمية، ولا حتى فى مسابقة «آفاق عربية» التى تُعرض فيها أفلام تونسية ومغربية ولبنانية وسورية وكويتية وفلسطينية. الأفلام المصرية معروضة خارج التنافس، ومعظمها فى مجال «الاحتفاء بالسينما المصرية»، حيث يتم التعريف بما قدمته هذه السينما فى الفترة الأخيرة.
السينمائيون المصريون يتحملون مسئولية لا يمكن إنكارها، لمهرجان بلدهم حق عليهم رغم عدم وجود جوائز مالية، ولكن المسئولية الأولى تقع على عاتق منظمى المؤتمر، ووزارة الثقافة التى باتت عاجزة حتى عن التنسيق بين هيئاتها وأنشطتها. رفضت دار الأوبرا عرض أفلام المسابقة الرسمية فى المسرح الكبير، بخلاف الحال فى الدورات السابقة. ولم يستطع منظمو المؤتمر تغيير قرارها، لأن وزارة الثقافة صارت أقرب إلى جزر منعزلة. وعندما تُعرض أفلام هذه المسابقة فى المسرح الصغير، تقل جاذبية المهرجان أكثر مما قلت، ويزداد ضعف القيمة المعنوية للمشاركة فيه. وإذا كان منظمو المهرجان معذورين فى بعض جوانب قصوره بسبب تواضع الميزانية المخصصة له، فقد توافرت لهم هذا العام مساهمة مالية تعتبر كبيرة من إحدى المحطات التليفزيونية المصرية الجديدة. ومع ذلك، لم يتحسن الوضع فى الدورة الحالية، الأمر الذى يثير سؤالا عما إذا كانت محدودية الموارد هى العامل الرئيسى وراء التراجع، أم ضعف التنظيم، أم عدم وجود رؤية واضحة، أم إنكار واقع هذا التراجع. وفى كل الأحوال يتعين وضع خطة من الآن لمعالجة ما يتيسر منها أملا فى أن تكون الدورة الأربعون أفضل حالا.