بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
بدأ الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى التكيف بسرعة مع المؤسسة السياسية التقليدية التى خاض حملته الانتخابية المثيرة ضدها. ويتراجع يوما بعد يوم التناقض بين رئيس أظهرت مواقفه وطريقته فى التصرف خلال تلك الحملة أنه يقف على طرف نقيض مع قيمة الحرية فى الولايات المتحدة، وفئات اجتماعية عدة فى مقدمتها الصحفيون والإعلاميون والفنانون وقطاع واسع من المثقفين بوجه عام، دون أن يعنى ذلك حدوث تقدم كبير باتجاه بناء ثقة مازالت مفقودة أو ضعيفة. وأسهم فى ذلك التغير الذى بدأ يحدث تأثر ترامب بمأساة ضحايا الهجوم بالغاز الكيماوى فى خان شيخون. فقد بدا ألمه واضحا بدرجة يتعذر معها تصور أنه أدى مشهدا تمثيليا.
ويحدث هذا التحول فى وقت يزداد فيه الاهتمام بالمفاجأة التى حملها كتاب للرئيس الأسبق جورج دبليو بوش يتضمن لوحات رسمها فى الفترة التى تلت خروجه من البيت الأبيض فى يناير 2009. دخل الكتاب أخيراً ضمن قائمة الأكثر مبيعاً، واحتل المركز الأول فى كتب الفنون على موقع “أمازون” المعروف، وأصبحت صورة بوش حاملاً ريشته ويرسم لوحة من الصور الأكثر رواجا على مواقع التواصل الاجتماعى. ويقول نُقاد معتبرون إن رسمه يدل على موهبة متأخرة وإلمام بتقنيات الرسم وأبعاده الجمالية، ولا يُعد مجرد تجربة أو هواية. وأيا كانت مصداقية هذا التقييم، فالحاصل أن بوش رسم لنفسه صورة مناقضة لتلك التى شاعت عنه حين كان فى البيت الأبيض لأسباب كثيرة فى مقدمتها العدوان الذى قرر شنه على العراق عام 2003، والجرائم التى ارتكبت خلاله وكان لها أثر كبير فى تنامى الإرهاب فى المنطقة.
ولا غرابة حين يحدث مثل هذا التحول السريع فى صورة ترامب، والتأخر فى صورة بوش. فالرئيس فى الولايات المتحدة لا يستطيع أن يطبع سياساتها بطابعه لأن لسلطته حدودا يحددها الكونجرس والقضاء كل بصلاحياته.
كما أن فريقه التنفيذى يقوم بدور رئيسى فى تحديد هذه السياسات. والأرجح أن صورة بوش خلال رئاسته ارتبطت بعدوانية بعض أركان فريقه خاصة وزير الدفاع رامسفيلد، وأن التحول فى صورة ترامب الآن يحدث بتأثير الدور الذى يلعبه فريقه، خاصة وزير الدفاع ماتيس ومستشار الأمن القومى ماكماستر.