بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
«إنها لحظة حزينة». هكذا علق وزير الثقافة الصهيونى على فوز فيلم «لا أرض أخرى» بجائزة أفضل فيلم وثائقى طويل فى الدورة السابعة والتسعين لمهرجان أوسكار السينمائى الدولى قبل أيام. اللحظة الحزينة بالنسبة إلى الصهاينة تكون سعيدةً للفلسطينيين والأحرار فى كل مكان فى العالم.
هذه إحدى سمات الصراع الفلسطينى-الصهيونى العميق. صراع تعذر حله على مدى أكثر من ثلاثة أرباع قرن بسبب هذا التناقض الذى يعد جزءًا لا يتجزأ من الصراعات الناتجة من وجود استعمار استيطانى إحلالى يسعى إلى إبادة أصحاب الأرض التى يستولى عليها. تأتى الجائزة المرموقة التى نالها هذا الفيلم فى وقتها عسى أن تدفع من يظنون أن التاريخ بدأ فى 7 أكتوبر 2023 إلى مراجعة هذه النظرة المغرقة فى سطحيتها. ويزيد أهمية الفيلم أنه الأول الذى يحمل هذه الرسالة منذ 10 سنوات عندما عُرض فيلم «خمس كاميرات مكسورة» الذى يُوثق الحياة فى قرية فلسطينية على طول جدار الفصل الصهيونى. يعالج الفيلم أحد جوانب الإبادة الشاملة التى تحدث فى فلسطين منذ عقود طويلة، وليس منذ عام وثُلث العام فقط. يتتبع صانعوه تحرك أحدهم، وهو باسل عدرا، لتوثيق الإجرام الصهيونى الممنهج فى مسقط رأسه فى منطقة مسافريطا جنوب الضفة الغربية. يُصَّور جرائم جنود الاحتلال وهم يطردون السكان من منازلهم ويدمرونها لإقامة منطقة تدريب عسكرى مكانها.
هذا هو الخط الرئيسى الذى يمضى فيه الفيلم تعبيرًا عن طبيعة الصراع الممتد ذى الطابع الخاص الناتج من النمط الإحلالى للاستيطان. ونجد فى ثناياه خطًا فرعيًا يعبر عن وجود إسرائيليين يهود متعاطفين مع فلسطين وقضيتها، ويمثلون استثناءً من القاعدة العامة. يقابل عدرا الصحفى اليهودى يوفال أبراهام الذى يقرر مساعدته. وبرغم أن أبراهام جزء من الاستثناء الصهيونى فهو يكتسب أهمية خاصة فى هذه اللحظة، كما هو حال رسالة الفيلم التى تنبه إلى خطأ اعتبار ما يحدث منذ أكتوبر 2023 بداية التاريخ.
فقد أضاف تشارك فلسطينيين ويهود فى صناعة الفيلم وعرضه الآن دعمًا لرسالته، وخاصةً عندما صعد عدرا وأبراهام معًا إلى المنصة لتسلم الجائزة المرموقة.