بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
رقص الرئيس اليمنى الراحل على عبد الله صالح طويلاً فوق خصومه. حكم اليمن بطريقته التى أطلق عليها الرقص فوق رءوس الثعابين. ورغم أن ثورة شعبية أسقطته، فقد أبى إلا أن يستعيد الحكم ليستأنف مشروع توريث نجله. سعى إلى تخريب المبادرة الخليجية التى رسمت خريطة طريق إلى مستقبل أفضل للشعب اليمني، وتعاملت مع صالح بكرم شديد، حيث منحته حصانة قضائية كاملة، وسمحت لحزبه بأن يكون جزءاً من المشهد الجديد بقيادة أخري.
ومع ذلك، تحالف مع الحوثى زعيم حركة «أنصار الله» التابعة لإيران، رغم أنه خاض ست حروب ضدها خلال حكمه. لم يدرك أنه تحالف مع ثعبان خطير هذه المرة. تصور أنه يستطيع استخدام حركة تابعة لإيران جسراً يحمل نجله إلى السلطة. لم يدرك أن من يُدَّعمون الحوثى لا يريدون إلا أتباعاً أو حلفاء صغاراً على الأكثر. لم يحسب حساب أن رقصته مع الحوثى قد تكون الأخيرة.
وربما لم يعرف كل هذا إلا فى ساعاته الأخيرة عندما فوجئ بأن الحوثى استعد ليوم الحسم الذى لم يحسب هو خطواته فيه جيداً. تركه الحوثى يعلن فض التحالف فى مشهد بدا لكثيرين أنه بداية تحرير اليمن من الحركة التابعة لإيران. معذورون أولئك الذين احتفلوا بانتصار صالح مقدماً. خدعهم خطابه النارى الذى حفل بفائض ثقة أوحى بأنه وضع خطته وأجرى حساباته بدقة.
غير أنه فى الوقت الذى ألقى فيه خطابه هذا، كان الحوثى هو الذى وضع خطة محكمة للإجهاز عليه. اختصر الحوثى الطريق. قتل صالحا فى البداية، بدلاً من أن يحاربه سعياً لأن يظفر به فى النهاية، وقد لا يستطيع.
أراد الحوثى أن يبعث رسالة تقول إنه الوحيد الذى تمكن من الرقص فوق رأس صالح. ولكن هذا لا يعنى أنه يستطيع الرقص فوق رءوس اليمنيين جميعاً. حركته تضم بضع عشرات من الآلاف، ولديها أنصار لا يزيدون على نصف المليون وفق أعلى التقديرات. وهذه أقلية صغيرة فى شعب كبير، وفى بلد تتعذر إعادته إلى عصر الإمامة الذى غادره منذ 55 عاماً، وفى محيط عربى لا يمكن أن يترك جزءاً منه نهباً لمن يحاولون الهيمنة على المنطقة.