بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
أتمنى إعادة عرض مسرحية القطط عقب انتهاء المهرجان القومى للمسرح بعد أيام, ليتمكن أكبر عدد ممكن من المصريين، الذين يعرفون أهمية المسرح وقيمته، من اصطحاب أطفالهم لمشاهدتها, والاستفادة من رسالتها النبيلة التى تحث على قبول الآخر، وتؤكد أن الاختلاف والتنوع يثريان الحياة، من خلال عمل فنى جميل. ورغم أنها مسرحية للأطفال, فهى تفيد الكبار أيضاً، لأن المجتمع كله فى حاجة إلى الرسالة التى تقدمها بطريقة مُبسطة يستوعبها الطفل.الحديث عن القطط يجذب الأطفال، ويضفى حالة تشويق تدفعهم إلى التركيز فى المعانى المتضمنة فى العرض الذى يبدأ بسعى شخص يرفض الآخر إلى طرد القطط من المدينة عبر إطلاق شائعة مؤداها أنها تنقل مرضاً خطيراً. وعندما يتصدى له رافضو طرد القطط، يتبين كذب الشائعة، وينكشف موقف مروج الشائعة، ويتضح أنه يرفض التعايش بين الكائنات المختلفة.ومن خلال تأكيد أنه من الطبيعى أن يعيش البشر والقطط معاً، يفتح العرض آفاقاً رحبة أمام مبدأ التعايش ليس بين الكائنات المختلفة فقط، ولكن بين كل نوع منها، وبالتالى بين البشر المختلفين فى أديانهم ومذاهبهم وأصولهم وأعراقهم واتجاهاتهم ومواقفهم. ولأن الأطفال يحبون القطط فى الأغلب الأعم، فهم يستحسنون رسالة العرض فى مجملها، ويستوعبون مضمونها الذى تشتد حاجة مجتمعنا إليه.إبداع مميز ومُقدر، ونجاح لكل المشاركين فيه، بدءاً بمخرجه الفنان صفوت صبحي، ومؤلفه صفوت زينهم، وألحان صلاح الشرنوبي، والممثلين جميعهم وفى مقدمتهم الفنانة ميرنا وليد، ووصولاً إلى مصمم الاستعراضات مصطفى حجاج. وربما يستعيد من يعرفون تاريخ الدعوة, خلال مشاهدتهم المسرحية, محطات مرت بها هذه الدعوة، منذ أن أصدر بيير بيل كتاب نقد عام لتاريخ الكلفانية عام 1681، ونشر وليم جين كتاب أهمية التسامح وضرورة إصلاح قوانين العقوبات عام 1687، وأصدر جون لوك الطبعة الأولى من رسالة فى التسامح عام 1689، وتبعهم إيمانويل كانط فى ثلاثيته الثمينة بين 1781و1788، وصولاً إلى مقالة كارل بوبر العميقة المنشورة فى بداية السبعينيات, التسامح والمسئولية الفكرية، حيث لخص مبادئ قبول الآخر والتعايش والتسامح فى عبارة بالغة الدلالة: ( ربما أكون مخطئاً، وقد تكون أنت على صواب، وحين نتعايش ونتحاور نصل إلى تصحيح أخطائنا).المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع