بقلم :د. وحيد عبدالمجيد
لم تمض أيام بعد الهجوم الحاد الذى شنه المفكر الفرنسى اليسارى ريجيس دوبريه على تسارع «الرقمنة»، أى ازدياد معدلات التواصل الرقمى عبر الإنترنت بشكل سريع، حتى أصدرت شركة «زينيث» المعروفة عالمياً دراسة توقعت فيها أن تزداد الإعلانات على شبكة «الإنترنت» مقارنة بإعلانات التليفزيون فى نهاية العام الجارى للمرة الأولى.
لا توجد علاقة مباشرة بين هواجس دوبريه، التى عبر عنها فى مجلة «لوبس» فى 18 مايو الماضى بشأن التعاملات الرقمية فى العالم، ودراسة «زينيث» التى ترصد التغير الذى يحدث فى مجال التسويق، وتخلص إلى أن العام الحالى سيشهد فى نهايته نقطة تحول فى العلاقة بين الإعلامين الرقمى والمرئى.
ولكن هذه الدراسة لابد أن تزيد مخاوف دوبريه، وتدعم اعتقاده المبنى على انحياز أيديولوجى فى وجود علاقة بين التوسع فى التفاعلات الرقمية وازدياد هيمنة الولايات المتحدة التى يرى آخرون كُثر أنها تتراجع، ولا تتقدم. يعتقد دوبريه أن «الأمركة» لا غيرها هى دلالة التوسع فى التفاعلات الرقمية.
وقد لا يجد دوبريه صعوبة فى تأويل دراسة «زينيث» على هذا الأساس، مادامت شركات أمريكية المنشأ مثل «جوجل» و«فيسبوك» و«مايكروسوفت» و«ياهو» و«تويتر» هى المستفيد الأكبر من ازدياد الإعلانات الرقمية عبر «الإنترنت».
وإذا كانت شركات أمريكية تتصدر قائمة الرابحين من هذا التطور، فهناك شبكات تليفزيونية كبرى فى الولايات المتحدة بين الناشرين فى مجال الإعلان. ولذلك يُثار مجدداً السؤال عن مصير الإعلام المرئى (والمطبوع من باب أولى) فى حالة استمرار التوسع فى الإعلانات الرقمية التى تتوقع دراسة «زينيث» أن تنمو بمعدل 13% حتى نهاية عام 2017 لتصل إلى 205 مليارات دولار، مقابل 192 ملياراً للإعلانات التليفزيونية. فكلما ازداد الإقبال على الإعلان عبر شركة «الإنترنت»، قل نصيب الإعلام المرئى (والمسموع بالطبع)، وكذلك الصحف المطبوعة، وشركات إعلانات outdoors فى سوق تتغير معالمها بسرعة الآن وبات علينا أن ندرس تأثير هذا التغير علينا.