بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
السؤال عن علاقة ما بين القمة العربية الإسلامية - الأمريكية فى الرياض والعقوبات التى فرضت بعيدها على قطر منطقى ويتطلب تفكيراً منطقياً أيضاً وليس إجابات هزلية. فثمة رواية يجرى ترويجها تفيد بأن تفاهماً حدث على هامش القمة بين قادة البلدان التى فرضت العقوبات والرئيس الأمريكى بهدف تغيير النظام فى قطر0 وأعطت بعض «تغريدات» ترامب مروجى هذه الرواية فرصة للتمادى فى الزعم بوجود مؤامرة على حكام الدوحة
والحال أن هناك بالفعل علاقة بين قمة الرياض والعقوبات التى أعقبتها على قطر. ولكن هذه العلاقة تكمن فى القلق الذى أصاب حكام الدوحة بسبب أهم ما حققته القمة وهو التوافق الواسع على مواجهة شاملة للإرهاب بكل مرجعياته وبجميع جماعاته دون استثناء أو انتقاء ومؤدى ذلك أن الحرب على الإرهاب لن تقتصر على «داعش» الذى ظل هدفها الأساسى منذ 2014, وأن بعض أهم تحالفات الدوحة الإقليمية باتت بالتالى فى مرمى الحرب على الإرهاب, وخاصة بعد أن ذهب حكامها بعيداً فى التقارب مع إيران, ثم شرعوا فى تمويل غير مباشر لميليشيات تابعة لها0 ومازال الجدل مستمراً حول قصة «الفدية» الكبيرة والمريبة التى دفعوها بدعوى الإفراج عن قطريين اختطفوا فى العراق, وخلفيات عملية الاختطاف, وأبعاد الصفقة التى أتاحت استخدامها لتغطية تمويل بعض الميليشيات التابعة لإيران, ومعها «جفش» أو النصرة التابعة لتنظيم القاعدة
ويبدو أن حكام الدوحة لم يتوقعوا أن تكون قمة الرياض بداية مرحلة جديدة فى مواجهة الإرهابين «السنى» و»الشيعى», فى الوقت الذى تتجه إلى رعايتهما فى أن معاً. ولعل القلق الذى أصابهم من جراء هذا التوجه الجديد يفسر المناورة التى تبدت فى بث تصريحات لأميرهم تمثل تحدياً لأهم ما أسفرت عنه القمة, وتهدف إلى ابتزاز البلدان العربية التى ساهمت فى إرسائه عبر مغازلة صريحة وغير مسبوقة لإيران, ثم محاولة إنكارها بعد أن تكون قد أدت الغرض منها وفق ما تصوروه
ولكن المناورة لم تحقق هدفها لأن إنكار تلك التصريحات لم يرتبط بخطاب مغاير للموقف الذى عبرت عنه. فقد ظل الخطاب الرسمى عموماً, والإعلامى خصوصاً, يعبر ضمنا عما ورد فيها بقدر غير مسبوق من الصراحة, الأمر الذى أدى إلى اتخاذ موقف صارم وغير مسبوق بدوره تجاه تهديد يتعاظم كل يوم.