بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
لا يقتصر جديد اشتراكية القرن الحادى والعشرين, أو اشتراكية جيل الألفية, على أن القوى المعبرة عنها فى الغرب ليست فى تناقض مع الرأسمالية, بل مع النخبوية. فهذا التحول فى الاتجاه العام جزء من تغير جوهرى فى فلسفة الاشتراكية يجعلها مختلفة عما كانت عنه فى القرنين الماضيين.
ومن أهم عناصر هذا التغير أيضاً أنها ليست عالمية أو أُممية. يعرف المهتمون بتاريخ الاشتراكية أنها كانت دائماً، ومنذ أن ظهرت، أُممية أى يرتبط المؤمنون بها فى أى بلد بمن يشاطرونهم المواقف أو الأفكار فى بلدان أخرى، أو على الأقل يشعرون بهذا الارتباط.ولم يكن كارل ماركس هو أول من أقام الاشتراكية على أساس عالمى أو أُممى فى دعوته المشهورة ياعمال العالم اتحدوا عام 1848، بخلاف الاعتقاد الشائع. فقد سبقه الاشتراكى المثالى هنرى سان سيمون، الذى رحل عام 1825، قبل أن يُطلق ماركس تلك الدعوة. فقد انطلق من فكرة الأخوة بين البشر، ودعا إلى تنظيم عالمى للصناعة التى كانت ثورتها الأولى قد بدأت فى حياته، وبشر بأن التقدم العلمى سيخلق حالة أُممية لأنه سيربط أطراف العالم.
ولكن ماركس هو الذى وضع أساساً وطيداً لفكرة الاشتراكية الأُممية، وسعى لنقلها إلى الواقع عبر مشاركته فى تأسيس أول منظمة عالمية تتبنى هذه الفكرة الأُممية الأولى عام 1864. وكانت وثيقة تأسيسها ناطقة بطابعها الأُممى، إذ ورد فيها (من الآن فصاعداً لن تكون الحدود عائقاً أمام مصالح الأكثريات الساحقة من البشر).وبرغم أن الاشتراكية الجديدة البازغة فى الغرب لم تتبلور فى صورة كاملة بعد، يبدو من متابعة الاتجاه الغالب فى أوساط الحركات والأحزاب التى تؤمن بها أن الفكرة الأُممية ليست بين اهتماماتها، وأن كلا منها معنى ببلده فى الأساس.
ولا يعنى حدوث تنسيق بين عدد من هذه الأحزاب والحركات فى انتخابات البرلمان الأوروبى التى ستجرى فى مايو المقبل، أن لدى أى منها استعدادا لتشكيل كيان أوروبى يجمعها. فهذا تنسيق انتخابى نجد مثله لدى أحزاب اليمين المتشدد التى ترفض فكرة الاتحاد الأوروبى, ولكنها تتحالف لدعم مركزها فى برلمانه القادم.