بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
أصبح ضرورياً فتح حوار جاد وموضوعى حول العلاقة بين الأجور والأسعار بدون مصادرة مسبقة على نتائجه ويتطلب ذلك مناقشة الدفع باستحالة رفع الحد الأدنى للأجور والمعاشات بسبب محدودية الموارد، والبحث فى اّثار تدهور القدرة الشرائية لفئات واسعة, ومنها مزيد من الانخفاض فى الموارد، نتيجة ضعف الطلب على المنتجات، أى حدوث تراجع إضافى فى الإنتاج.
ولتبرير عدم وجود حاجة إلى رفع الحد الأدنى للأجور، يتناول البعض معدلات الفقر الراهنة، اعتماداً على الخط البيانى لها فى الأعوام الأخيرة بدون حساب تأثير التغير الكبير فى سعر صرف الجنيه.
ولكى نسعى إلى معرفة معدلات الفقر فى أى بلد، ينبغى أن نبدأ بتحديد الدخل الشهرى أو السنوى الذى يصبح الإنسان تحت خط الفقر إذا حصل على أقل منه. وأذكر أن نقاشاً دار حول هذا الموضوع قبل حوالى عشر سنوات، وشهد خلافاً بشأن تقرير دولى حدد خط الفقر بما قيمته دولارين فى اليوم. فقد رأى بعض من شاركوا فى ذلك النقاش أن التقرير لا يأخذ فى الاعتبار اختلاف القوة الشرائية للعملة من بلد إلى آخر.
ورأى هؤلاء أن خط الفقر فى بلد مثل مصر يمكن أن يكون دولاراً واحداً. وكانت قيمة الدولار وقتها حوالى خمسة جنيهات ونصف الجنيه، أى أن من يقع تحت خط الفقر فى تقديرهم كان من يقل دخله عن 175 جنيها شهرياً. ولكن أى حساب بسيط لما يحتاجه الإنسان وقتها كان كافياً لإدراك أن هذا المبلغ لم يكن يتيح البقاء على قيد الحياة إلا إذا خالف شخص القانون، أو وجد من يساعده.
وربما ينطبق ذلك على من يقل دخله عن ما قيمته أكثر من دولارين فى ظل مستويات الأسعار الراهنة، حتى مع ارتفاع سعر الدولار نفسه إلى أكثر من الضعف. ووفقاً لمتوسط هذا السعر فى يناير الماضى (حوالى 18.60 جنيه) نجد أن من يحصل على ما قيمته دولارين يومياً يبلغ أجره نحو 1100 جنيه شهرياً. ويصعب تصور أن يستطيع الإنسان العيش بمثل هذا المبلغ. ولذلك تصبح الدعوة إلى رفع الحد الأدنى للأجور والمعاشات مشروعة، بينما يبدو السعى إلى رفع الحد الأقصى لأجور البعض (الوزراء) غير لائق أصلاً، وليس فقط غير معقول.