بقلم - د. وحيد عبدالمجيد
لم يعترف مؤسسو المنتدى الاقتصادى العالمى دافوس، وأركانه ومُنظَّروه، بمسئوليتهم عن الأزمات التى تؤرقهم اليوم، وتهدد التوجهات التى بشروا بها ودعوا إليها، وفى مقدمتها تحرير التجارة، والعولمة، وعقلنة النظم السياسية0 ولم ينعكس حديث مؤسسه ورئيسه التنفيذى كلاوس شواب, عن الخاسرين من العولمة, والفئات المنسية فى كثير من المجتمعات, على أعمال مؤتمره الأخير الذى اختتم قبل يومين فى مدينة دافوس السويسرية.
يواجه مبدأ حرية التجارة مأزقاً كبيراً فى ظل اتجاه الإدارة الأمريكية الحالية لإعادة الاعتبار إلى سياسات الحماية وبناء الحواجز والأسوار التى ناهضها المنتدى وسعى إلى وضع حد لها فى أنحاء العالم، فضلاً عن صعود أحزاب وحركات شعبوية وقومية متشددة تتبنى فى الأغلب الأعم مواقف تهدد العولمة، وتتعارض مع مرجعية دافوس الليبرالية الجديدة.
كما أن الخطر الذى يهدد العالم من جراء التغير المناخى لم يكن ضمن حسابات القائمين على منتدى دافوس عندما دعموا إطلاق حرية الاستثمار بدون أى ضوابط اجتماعية أو أخلاقية، فى لحظة بدا فيها أن العالم مقبل على ازدهار فى ظل هذه الحرية عقب تفكك الاتحاد السوفيتى السابق ومعسكره.
ولا نعرف هل كان خطر التغير المناخى مدرجاً ضمن جدول أعمال مؤتمر المنتدى الأخير منذ البداية، أم أًضيف عندما رأى القائمون عليه هذا الخطر ماثلاً أمامهم قبيل عقده، حيث تساقطت الثلوج بكثافة غير مسبوقة على جبال الألب وأحدثت انهيارات أوقفت خط القطار إلى مدينة دافوس عدة أيام. انتهى المؤتمر السنوى للمنتدي، كما كان متوقعا، بدون مناقشة جادة لتأثير الليبرالية الجديدة، وتداعياتها التى تراكمت وأنتجت وضعاً يؤرق كل من تبنى توجهات هذا المنتدي.
ويبدو أن منظمى المؤتمر فضلوا الهروب إلى الأمام، عبر مناقشة قضايا مهمة، ولكنها ليست أكثر أهمية من تلك المتعلقة بأزمة المنتدي, مثل تحديات الثورة الصناعية الرابعة، وسبل إدارة الاقتصاد العالمى فى ظل تطوراتها السريعة والمتلاحقة، وكيفية الاستفادة من التقدم المتواصل فى مجال الذكاء الاصطناعي، بدون إلحاق ضرر كبير بفرص العمل. غير أن الهروب لن يحل أزمة منتدى دافوس، وسيكون عليه أن يقف أمامها بجدية آجلاً أو عاجلاً.
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع