بقلم د. وحيد عبدالمجيد
مستقبل مصر بين يدى القضاء، ومعه مصير شعب يتوقف انتشاله من هوة التخلف على ضمان حرية الإبداع اللازمة لفتح آفاق التقدم أمامه.
فالإبداع يعنى إطلاق طاقات المجتمع على كل صعيد، وليس فى الثقافة بآدابها وفنونها فقط، ليصبح مجتمعاً قادراً على التجديد والابتكار والاختراع، على نحو يُمكَّنه من مغادرة “صندوق” عتيق حُشر فيه على مدى عقود.
ولا مبالغة فى أهمية دور القضاء وبلوغه هذا المبلغ، لأن الحكم الذى سيصدر فى قضية الأديب أحمد ناجى سيكون له أثر بالغ فى مثل هذا النوع من القضايا فى الفترة القادمة. فقد بدأت محكمة النقض العريقة يوم الأحد الماضى فى نظر الطعن المقدَّم إليها ضد الحكم الذى أصدرته محكمة الجنايات فى فبراير 2016 بحبس ناجى عامين عقاباً له على إعماله الخيال الذى لا يوجد إبداع بدونه فى الفصل الذى نشرته صحيفة “أخبار الأدب” عن روايته “استخدام الحياة”.
وجاءت بداية نظر الطعن فى اليوم الأول من العام مصحوبة بآمال عريضة من جانب من يدركون أهمية الإبداع لمستقبل مصر فى أن يكون عاماّ أفضل للثقافة المصرية، التى كان العام الماضى ثقيلاً عليها.
ولما كانت الثقة فى قبول محكمة النقض الطعن كبيرة, فليتها توصى محاكم الجنايات التى تنظر هذا النوع من القضايا بأن تنتدب عدداً من الخبراء فى مجال الإبداع والنقد الأدبى والفني, لأن الرأى المتخصص فى هذا المجال ضرورى ولا يقل أهمية عنه فى مجالات أخرى يطلب فيها القضاء المشورة.
وليتها توصى أيضا بالعودة فى مثل هذه القضايا إلى حيثيات حكم بالغ الأهمية صادر فى أبريل 2012 ببراءة الفنان عادل إمام من اتهام نُسب إليه بازدراء الأديان فى أحد أفلامه. وكان أهم ما فى هذه الحيثيات أنه (لا عقوبة على خيال). فعندما تعود الى الحكم فى قضية أحمد ناجى نجد أن العقوبة فيه على خيال، لأن العبارات التى تم تجريمها واردة ضمن أحداث خيالية تُعد جزءاً لا يتجزأ من نسيج العمل الروائي.
وما أشد حاجتنا إلى إطلاق الخيال فى مختلف المجالات، سعياً إلى أفكار جديدة مبدعة لمواجهة مشاكلنا وأزماتنا من الاقتصاد والتنمية إلى التكنولوجيا، ومن السياسة والدبلوماسية إلى التعليم والصحة، لأن هذا هو طريقنا الوحيد للنجاة.