بقلم د. وحيد عبدالمجيد
لم تبق فائدة عملية لقتل زعيم تنظيم »داعش« أبو بكر البغدادي. التنظيم مهزوم فى سوريا والعراق. خطوطه تقطعت، وأوصاله تفككت. ولم يعد البغدادى اليوم هو ذلك الرجل الذى اهتز العالم عندما وقف خطيباً فى الموصل عقب احتلال تنظيمه أجزاء واسعة فى شمال العراق وغربه فى يونيو 2014.
بدا البغدادى يومها كما لو كان خليفة خارجاً من بطن التاريخ يعلن »الدولة الإسلامية« على مساحات كبيرة من أراضى العراق وسوريا، ويتسابق قياديون فى تنظيم »القاعدة« وجماعات إرهابية أخرى إلى مبايعته. البغدادى الآن هارب ينتقل من مخبأ إلى آخر. وقتله متوقع بين يوم وآخر.
ولذا لن يغَّير قتله شيئاً الآن. فلول تنظيمه تسعى إلى إعادة التموضع فى مناطق صحراوية على الحدود السورية العراقية. و«الذئاب المنفردة«، التى تهدد أوروبا الآن، ستواصل إرهابها بوسائل مبتكرة آخرها الدهس بواسطة شاحنات، بعد أن تلقى شبان مهووسون بالبغدادى رسالته التى حثهم فيها على أن يبقوا حيث هم، ويقتلوا بقدر ما يستطيعون.
وما أشبه الليلة بالبارحة حين نتذكر مقتل أسامة بن لادن فى مخبئه الباكستانى فى مايو 2011. لم يمض عامان على نيل باراك أوباما »شرف« قتله حتى ظهرت موجة إرهابية أكثر عنفاً ووحشية. والآن، وفى الوقت الذى يضيق الخناق على البغدادي، يتخذ الإرهاب طابعاً لا مركزياً أكثر من أى وقت مضى فى الشرق الأوسط، وطابعاً فردياً فى أوروبا. وهذا تحول مهم فى بنية الإرهاب حتى إذا نجحت محاولات فلول »داعش« لإعادة بناء التنظيم، أو شاركوا فى تأسيس تنظيم جديد قد يكون أكثر وحشية، أو استغل تنظيم »القاعدة« اندحارهم ليعود إلى الصدارة إذا كان قد بقى لديه ما يتيح ذلك.
ولهذا كله، لا يبقى معنى للسباق بين الطامحين إلى نيل »شرف« قتل البغدادي. افتتحت الولايات المتحدة هذا السباق قبل عدة أشهر عندما خصصت جائزة قيمتها 25 مليون دولار لمن يقتله أو يلقى القبض عليه. ودخلت روسيا على خطه قبل أيام عندما أعلنت وزارة الدفاع أنها ترجح مقتله فى غارة قالت أن مقاتلاتها شنتها قبل أكثر من شهرين على هذا الإعلان على موقع قرب مدينة الرقة.
ولكن روايتها لم تقنع باقى المتسابقين الذين يواصلون السباق، سواء واشنطن، أو طهران وميليشياتها فى سوريا والعراق.