بقلم د. وحيد عبدالمجيد
مازال الجدل محتدماً منذ ظهور نتائج الانتخابات الهولندية الأسبوع الماضى، حول صمود حزب الشعب للحرية والديمقراطية فى مواجهة عاصفة عاتية تجتاح أوروبا،
وتتغذى على نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة. يتركز الجدل حول ما إذا كان احتفاظ هذا الحزب بالمركز الأول رغم خسارته 8 مقاعد (حصل على 33 مقابل 41 فى الانتخابات الماضية) يُعد انتصاراً حقيقياً، وهل يعتبر حزب »الحرية« القومى المتطرف- الذى لا يملك من اسمه نصيباً- مهزوماً رغم أنه حصل على 5 مقاعد إضافية مقارنة بآخر انتخابات (20 مقابل 15) ؟.
ومشكلة هذا الجدل أنه يعتمد على تحليل رقمى منزوع من السباق السياسى0 وحتى إذا اعتمدنا عليه وحده، يظل حجم الحزب المتطرف أقل من 15 % (20 مقعداً من أصل 135)، ويبقى بلا حلفاء، فى الوقت الذى حصلت فيه أحزاب مناصرة للحرية على مقاعد إضافية أكثر منه، مثل حزب الخضر اليسارى الذى زاد تمثيله من 4 إلى 14 مقعداً فى البرلمان.
فقد خاض أنصار الحرية هذه الانتخابات فى مواجهة رياح عاتية تُهَّدد قيم التقدم والتحرر فى أوروبا والعالم، وحققوا انتصاراً رغم أن تقديرات يُعتد بها توقعت أن ينتزع الحزب القومى المتطرف الصدارة. ووجد بعض من توقعوا ذلك فى هجمة نظام أردوغان الجنونية على هولندا دعماً لأعداء الحرية فى لحظة حاسمة عشية توجه الناخبين إلى مراكز الاقتراع.
واستندوا فى ذلك على افتراض ثبتت صحته كثيراً، وهو أن المتطرفين يُدَّعمون بعضهم بعضاً مهما كان التناقض بينهم، لأن ما يجمعهم على صعيد رفض الآخر أكثر مما يفرقهم على مستوى المرجعيات.
ولكن هذا الافتراض لم يتحقق لحسن الحظ فى الانتخابات الهولندية التى يُرجح أن تؤثر نتيجتها فى مسار الصراع المحتدم فى أوروبا بين أنصار الحرية وخصومها.
ولذلك لا تقتصر أهمية انتصار الأحرار على هولندا. ولا يُستبعد أن يكون لهذا الانتصار أثر ما فى انتخابات أكثر أهمية لأوروبا والعالم ستجرى فى فرنسا فى ابريل ومايو، ثم فى ألمانيا فى سبتمبر من العام الحالى. وإذا كان حضور التطرف القومى مازال هشاً فى ألمانيا، فهو قوى فى فرنسا حيث تملك مارين لوبن قاعدة أقوى من تلك التى يستند عليها نظيرها خيرت فيلدرز فى هولندا.