بقلم: د. وحيد عبدالمجيد
جاءت ترتيب مصر بلا فخر رقم 131 على المستوى العالمى فى مؤشر الأعمال الذى يصدره البنك الدولى. ويعنى ذلك أننا فى ذيل العالم فى مجال قدرتنا على جذب الاستثمارات، وأن البيئة الاستثمارية عندنا طاردة وليست جاذبة.
وليس سهلاً بالنسبة إلى من تعودوا على الاستسلام لوجود مؤامرات علينا أن يقنعوا أحداً بأن البنك الدولى يتآمر علينا. فهو شريك لمصر فى عدد لا بأس به من المشاريع، وهناك مفاوضات معه للحصول على قرض منه.
كما أن اختلالات بيئة الاستثمار فى مصر لا تخفى على أحد رغم كل التسهيلات التى توسعنا فيها. فإلى جانب الإعفاءات والإغراءات الضريبية المبالغ فيها أحيانا، هناك تيسيرات فى سداد أسعار استهلاك الطاقة فى بعض الصناعات.
ولكننا لم نفهم بعد أن هذا النوع من التسهيلات المالية والضريبة ليس هو أهم ما يجذب الاستثمار. فالمستثمرون الجادون يسددون الضرائب المستحقة عليهم فى بلادهم وغيرها من البلاد التى يستثمرون فيها مهما بلغت. وهى تبلغ الكثير جدا فى معظم هذه البلاد التى تأخذ بنظام تصاعدية الضريبة على الأرباح الرأسمالية والدخل فى آن معاً. وهذا هو النظام الأكثر انتشاراً فى العالم اليوم لو يعلمون. وتصل الضريبة على أعلى شريحة للأرباح إلى 60 فى المائة فى بعض البلاد الأوروبية.
كما أن الاهتمام المركز فى الفترة الأخيرة على تبسيط إجراءات الاستثمار لا يكفى وحده لتدفق المستثمرين، بافتراض أن هذا التبسيط سيتحقق بدون تعديلات تشريعية جوهرية فى نظم التراخيص المختلفة، وفى صلاحيات وحدات الحكم المحلى فى هذا المجال، لأن النص على ذلك فى قانون الاستثمار لا قيمة فعلية له.
ولذلك تشتد الحاجة إلى إجراء هذه المراجعة بشكل فورى، ووضع التشريعات المتعلقة بالتراخيص فى مقدمة أولويات مجلس النواب للانتهاء منها فى دور انعقاده الحالى.
ولكى تحدث هذه المراجعة أثرها، لابد أن تقترن بتحسين حالة حقوق الإنسان لأنها تمثل ركنا أساسياً من أركان صورة مصر فى العالم. ويربط المستثمرون عادة بين الصورة التى تتشكل لديهم عن حالة حقوق الإنسان، وطبيعة الدولة التى يحددون إمكان الاستثمار فيها من عدمه. فهم يقبلون على الاستثمار فى دولة القانون التى يأمنون فيها على استثماراتهم فى حالة حدوث نزاع بشأن هذه الاستثمارات، لأنهم يثقون فى أن القانون سيحفظ لهم حقوقهم أياً كان الطرف الآخر فى هذا النزاع.