بقلم: صلاح منتصر
عندما اقترح الأخوان على ومصطفى أمين فكرة عيد الأم قبل 60 سنة ، هاجمهما أصحاب الفكر المتطرف والمتجمد على أساس أنه عيد يحتفل به الغرب وبالتالى فهو بدعة وكل بدعة فى النار، بينما كان يجب أن يخجل هؤلاء المتحجرون لأن ما تضمنه الاسلام عن الأبوين بصورة عامة والأم بصورة خاصة ، كان ولا بد أن يجعلنا السباقين فى الاحتفال بالأم وبالأسرة وبالحب وكلها مما يدعو اليه الاسلام .
والحكاية قديمة ولكن لا مانع من تكرارها، فقد ألحت سيدة فى مقابلة الأخوين تشكو إليهما أنها ترملت وكرست حياتها لرعاية أولادها حتى تخرجوا وتزوجوا وأصبحوا فى مناصب كبرى ، وبدلا من أن يراعوها بعد أن تقدمت بها السن انصرفوا عنها وتجاهلوها . وغضب مصطفى وطلب من الأم أن تذكر له أسماء هؤلاء الأبناء الجاحدين ليفضحهم ، واذا به يفاجأ بالأم تركع تحت قدميه متوسلة ألا يمس أى ابن بكلمة أو بسوء مهما فعلوا ! . وأمسك على أمين القلم والدموع فى عينيه وكتب فكرة عيد الأم التى أصبحت من الأعياد الشعبية التى ينتظرها ملايين الأبناء كل سنة ليقولوا شكرا يا أمى .
وفى عام 1974 خرج مصطفى أمين من 9 سنوات سجنا فى اتهام كيدى كان المفروض أن يملأ بالحقد قلبه ، ولكنه على العكس أمضى ما امتد له من عمر بلغ 23 سنة يبحث كيف يمكنه مساعدة المرضى والمحرومين والمحتاجين ، فدعا الى ليلة القدر والى أسبوع الشفاء والى عيد الحب . وفى الوقت الذى كان القادرون يحجبون تبرعاتهم عن الحكومة لعدم ثقتهم فى أجهزتها ، انهالت التبرعات على صناديق الخير التى أنشأها مصطفى أمين وظلت متواصلة حتى اليوم وبعد 19 سنة من رحيله تقوم بمهامها ابنته صفية التى اعتبرت نفسها وصية على رسالة أبيها .
وكان مصطفى أمين فى آخر يوم فى حياته قد كتب عمود فكرة للأخبار ، ووقع ثلاثة شيكات لمصلحة ليلة القدر . وفى جنازته التى خرجت من دار أخبار اليوم اختلط تلاميذه ومحبوه بحشود المواطنين الغلابة من المرضى الذين وفر لهم العلاج، والمحتاجين الذين قضى حاجتهم وأسعدهم وأسعدوه .