بقلم صلاح منتصر
انقلب الحال وأصبحت الكافيهات والمطاعم التى اخترقت كل شارع وزقاق ـ كما سمعنا الذين يدافعون عنها ـ هى باب إنقاذ ملايين الشباب وحمايتهم من الانحراف ومن التسكع فى الشوارع ، وأن هذه الكافيهات توفر الاستقرار للذين لا يجدون أندية ينضمون إليها أو يقدرون على سداد عضويتها الباهظة . ثم غير ذلك ـ يقول المدافعون ـ فإن هذه الكافيهات والمطاعم يملكها ناس مكافحون يسعون للكسب الشريف ويقومون بتشغيل آلاف الغلابة ولكن الحكومة تفترى عليهم وتمارس ضدهم أعمال البلطجة عندما تقوم بتكسير البعض كما حدث أخيرا إثر وفاة شاب لقى قدره فى حادث لا يتكرر كثيرا !.
هكذا أصبح الباطل حقا، وأصبح ملايين الذين يسكنون حول هذه المطاعم والكافيهات فى شوارع كانت هادئة قبل أن يقتحمها أصحاب الكافيهات والمطاعم هم المعتدين الذين يحاربون تلك الكافيهات فى رزقها !
نسى المدافعون أن جميع هذه الكافيهات قامت على باطل دون تراخيص وأنها فرضت نفسها بالقوة والرشوة والفساد فى أماكن يمنع القانون وجودها فيه لأنها تقوم فى شوارع طابعها الهدوء وراحة السكان التى كانت هادئة قبلهم، وفى الوقت نفسه تعطل حركة المرور بسبب المساحات التى يفرضون احتلالها وسط الطرق.
لم يجرب المدافعون عن هذه الكافيهات عندما يخترق كافيه أو مطعم مدخل عمارته أو ممرا بين عمارته والمبانى المجاورة أو جراجا يغلق أبوابه فى وجه السكان لتتحول حياة الناس المسالمين إلى جحيم بسبب «دوشة» الكافيه من الصباح إلى قرب الفجر والألفاظ المتبادلة ورائحة مئات بل آلاف أحجار الشيشة التى تحرق ، واستحالة دخول السكان خاصة الإناث مساكنهم فى حرية ، وحرمان السكان من وجود أماكن يركنون فيها سياراتهم كما تعودوا منذ سكنوا ، وإحساسهم بالضعف أمام القوة الغاشمة التى يستخدمها كل كافيه بتوظيف عدد من الفتوات يديرون الشارع لحسابهم . لم يجرب هؤلاء المدافعون إحساس الذل الذى يعيشه هؤلاء السكان وهم يرون بيوتهم تحولت إلى سجون لا يستطيعون فتح شبابيكها والقانون ينتهك ولا يستطيعون الاحتجاج ، وهم يجدون أن القوة فوق القانون ، والرشوة فوق الحق ، والبلطجة فوق أى شيء !