صلاح منتصر
جيل من العظماء يفارق حياتنا ..عبد العزيز حجازى وإبراهيم بدران ، وأمس الأول بطرس بطرس غالى ، أول مصرى يتم اختياره أمينا عاما للامم المتحدة بين عامى 1992 و 1996 ، وعندما حل موعد التجديد له وقفت أمريكا وحدها ضده وجندت مادلين أولبرايت مندوبة أمريكا فى الأمم المتحدة نفسها لإدارة معركة عنيفة لإسقاطه لأن بطرس لم يكن يسمع كلام أمريكا !
دفع بطرس ثمن مواقفه الشجاعة فى قضايا شهدها العالم خلال فترته، آخرها جريمة إسرائيل فى ابريل 96 فى قرية اسمها «قانا» جنوب لبنان لجأ اليها عدد كبير من المدنيين هربا من غارات إسرائيل على لبنان. وبوحشية بالغة وجهت إسرائيل صواريخها إلى المدنيين المسالمين فقتلت أكثر من مائة واصابت أضعافهم ، وأصر بطرس غالى على فضح إسرائيل فى تقرير يوثق الجريمة عرضه على مجلس الأمن ، لكن أمريكا أجهضت قرار إدانة المجلس إسرائيل .
بدأت شهرة بطرس غالى عندما كان أستاذا للقانون الدولى بحامعة القاهرة وفى عام 1965 اختاره الاستاذ هيكل ليرأس مجلة السياسة الدولية التى قرر إصدارها عن الأهرام ، وجعل بطرس منها مجلة أصبحت دليلا وهاديا لكل الراغبين فى الالتحاق بالعمل الدبلوماسى .
لمع نجم بطرس عندما اختاره السادات وزير دولة للخارجية عام 73 عقب استقالة إسماعيل فهمى احتجاجا على قرار السادات زيارة القدس . وتم تكليفه بكتابة الخطاب الذى سيلقيه السادات فى الكنيست وقد حبس نفسه يومين لهذه المهمة، ولكنه فوجئ بالسادات يلقى خطابا آخر لم يستعن فيه بجملة من الخطاب الذى أعده . مع ذلك يعترف بطرس بأن الخطاب الذى ألقاه السادات كان أفضل جماهيريا وإنسانيا فى تلك المناسبة من الخطاب القانونى الذى أعده .
اهتم بطرس بإفريقيا وأقام علاقات واسعة بين مصر ودولها ، و بعد تركه الأمم المتحدة ظل يمارس نشاطه بحماس حتى بعد أن تجاوز التسعين ، وكان يذهب بصفة دائمة إلى مكتبه فى مجلس حقوق الإنسان الذى تولى رئاسته الشرفية ، ولم يفقد حماسه وأفكاره التى عبر عنها بثورية إلى أن وقع على الأرض الشهر الماضى فقرر السفر لباريس من أجل تركيب حوض صناعى لكن سبقته النهاية عن عمر 94 عاما