بقلم : د. أسامة الغزالى حرب
مصر اليوم ليست فى عيد، فقد رحلت شادية، وودعها أبناء مصر مساء الأربعاء الماضى إلى مثواها الأخير. لقد تواكبت مسيرة شادية الفنية مع عمر جيلنا منذ الخمسينيات، منذ ايام الطفولة والصبا. كانت شادية بالنسبة لجيلنا ولأجيال من بعدنا، موهبة فذة، ورمزا للبهجة وللحب وللوطنية! جسدت هذه المعانى، وعبرت عنها غناء وتمثيلا بأروع وأصدق ما يمكن أن تكون. أضفى صوتها وأداؤها روحا وحيوية على كلمات الشعراء الذين كتبوا أغانيها، وعلى ألحان الفنانين الذين لحنوا لها.
ومثلما كانت مطربة عظيمة، كانت ممثلة عظيمة، وتعددت أدوارها التى جسدت موهبتها وقدراتها الفذة. قدمت شادية من خلال أغانيها وأدوارها السينمائية صورة مشرفة للفتاة المصرية والمرأة المصرية.. وعبرت عن روح المرأة المصرية وعن حضورها القوى فى كل المجالات. تعددت أعمالها الفنية والغنائية بما يوحى باجتهادها وجديتها وإخلاصها لفنها ولعملها. ولذلك لم يكن غريبا أن حظيت بشعبية فريدة وبحب جارف من الشعب المصرى، ومن جميع الشعوب العربية.
ومثلما داعبت بأغانيها مشاعر الحب فى سنوات الصبا والشباب ...فإنها أشعلت مشاعر الوطنية وحب الوطن بأروع ما تكون. هل ننسى «أمانة عليك أمانة يامسافر بور سعيد» عقب اندحار العدوان الثلاثى فى 1956؟ هل ننسى «أدخلوها بسلام آمنين»؟ هل ننسى »يا ام الصابرين» التى تغنت بها شادية فى فترة ما قبل اكتوبر لتبث من خلالها الأمل فى النصر القريب؟ هل ننسى فرحة شادية بنصر أكتوبر فى «عبرنا الهزيمة يامصر ياعظيمة»؟ هل ننسى غناء شادية لعودة سينا إلى مصر عام 1982 «سينا رجعت كاملة لنا ومصر اليوم فى عيد»؟ شادية لم تكن أبدا مجرد مطربة، ولم تكن مجرد «دلوعة السينما» ولكنها كانت فنانة عظيمة، ورمزا رائعا ومشرفا للفن المصرى وللوطنية المصرية!.