بقلم - د.أسامة الغزالي حرب
أفكار وموضوعات كثيرة تزاحمت فى ذهنى وأنا أتأهب للعودة للكتابة بعد إجازة لمدة أسبوع، احتجت إليها لترتيب مكتبتى الخاصة بالمنزل بعد أن وصلت فى زحامها وفوضاها حدا كدت أغرق فيه! وبالطبع فإن أسبوعا واحدا لم يكف على الإطلاق لتلك العملية، ولكنه كان كافيا فقط للبدء فيها.أما الموضوع الذى أحببت أن أبدأ به اليوم فهو شخصى وعام فى نفس الوقت، فأنا من الذين يقدسون الانتماء للوطن، وحرصت على أن أغرس هذا فى ابنتى الاثنتين وفى تلاميذى بقدر الإمكان. وعندما بدأت موجة هجرة الكثيرين من أبناء جيلى منذ منتصف السبعينيات إلى الخارج، خاصة من المسيحيين شعرت بجزع و ألم شديدين، وما زلت أتذكرهم فردا فردا.
وبالرغم من أننى أتفهم تماما سعى بعض الشباب للسفر والهجرة (المشروعة طبعا) إلى الخارج، وأتابع بإعجاب قصص نجاح بل ونبوغ لبعض منهم، فإن هذا لا يقلل من إيمانى الأصيل والراسخ بالأولوية المطلقة للانتماء للوطن أيا كانت مشكلاته وعيوبه. وتعجبنى أبيات ابن الرومى الشهيرة: «ولى وطن آليت ألا أبيعه وألا أرى غيرى له الدهر مالكا، عهدت به شرخ الشباب ونعمة كنعمة قوم أصبحوا فى ظلالكا»..إلخ. وهل نسينا أبيات شوقى الخالدة: «وطنى لو شغلت بالخلد عنه نازعتنى إليه فى الخلد نفسى». أقول راودتنى هذه الخواطر عندما أرسلت لى ابنتى الصغرى التى كانت فى رحلة سياحية فى إيطاليا فى إجازة عيد الأضحى، تقول بعد مرور نحو اسبوعين أن ابنتها، حفيدتى، ذات السنوات الأربع شعرت بالملل وتريد العودة إلى مصر! وتذكرت على الفور ابنتى الكبرى التى كانت تدرس فى جامعة كولومبيا فى نيويورك، والتى كان قرارها بعد أن حصلت على شهادتها الجامعية هو العودة فورا إلى الوطن، إلى مصر! وفى الحالتين شعرت بارتياح...فمصر، هى وطننا الذى نحبه والذى يتحتم علينا أن نعمل بصدق وإصرار على أن يكون هو الأفضل والأحسن والأوفر سعادة واستقرارا وحرية!.