بقلم : د.أسامة الغزالي حرب
صباح الخميس الماضى (17 مايو) صحوت مبكرا على صوت جرس المنزل، وفتحت الباب لأجد أمامى حفيدتى ثريا التى أكملت هذا الشهر عامها الرابع- وهى تقول لى «رمضان كريم»! وابتسمت، فتلك فى الحقيقة هى إحدى علامات أو مظاهر التنشئة الاجتماعية التى نمارسها بوعى أو بلا وعى والتى تنتقل من خلالها القيم والمفاهيم من جيل إلى آخر. المهم،...كل عام وأنتم بخير، ورمضان كريم. غير أن مجىء هذا الشهر الفضيل اليوم، بطقوسه ورموزه المميزة على مدى أربعة عشر قرنا تقريبا، يثير الكثير من التساؤلات عن التغييرات التى طرأت على الاحتفال برمضان، طوال تلك المدة الطويلة! وقدلفت نظرى ـ ابتداء ـ ما جاء فى المعاجم اللغوية عن معنى وأصل كلمة «رمضان»، حيث يربطه أحد التفسيرات الشائعة بالحر الشديد (ألا نعرف القول الشائع:
كالمستجير من الرمضاء بالنار؟) وهو تفسير ينطبق تماما على رمضان هذا العام، ولكنى لا أستريح كثيرا لهذا التفسير، لأن رمضان يتغير مناخه مع توالى الفصول، وبالتالى تظل هناك تفاسير أخرى للاسم.. من ناحية أخرى، ومع ثبات الطقوس والممارسات الدينية فى رمضان بالطبع، فإن ما يتغير، وعلى نحو مثير للغاية، هو طقوس الاحتفالات الإعلامية والشعبية برمضان والتى شهدت ـ ولاتزال تشهد بالطبع ـ تغيرات مهمة، مثل الاختفاء الكامل تقريبا للمسحراتى، وما ارتبط به من أدبيات، وربما نشهد أيضا اختفاء فوازير رمضان من الإذاعة والتليفزيون، وانتهاء عصرها الذهبى، خاصة مع رحيل الإعلامية الكبيرة آمال فهمى التى ابتدعتها فى البداية. أما فوانيس رمضان، فقد تعرضت هى الأخرى لتغيرات كثيرة ربما كان اسوؤها الإغراق الصينى بالفوانيس الناطقة، التى تجلب بواسطة مافيا الاستيراد السرطانية فى مصر، والتى ندعو الله فى رمضان أن تفلح الأجهزة المعنية فى مكافحتها. وكل عام وأنتم بخير، ورمضان كريم.
المصدر : جريدة الأهرام
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع