بقلم :مكرم محمد أحمد
ما عرفته وفهمته من حديث طويل حول أوضاع سيناء مع الشيخ «عبدالله جهامة» كبير المجاهدين، تشعبت موضوعاته ودروبه وأسئلته، تحاول أن تلاحق خبرة الرجل العميقة بأوضاع سيناء، الأرض والناس والمكان، أنه لا صحة المرة بأن الفروق كبيرة بين الوادى وسيناء لأن الوطنية المصرية تجمع الاثنين فى رباط عميق، ولأن دماء الشهداء تروى كل حبة رمل هناك، وأن كل الجهود الدولية التى بُذلت ولا تزال تبذل تحت مسميات جديدة مثل السلام الإقليمى لاقتطاع جزء من أرض سيناء لتوسيع قطاع غزة سوف تبوء بالفشل الذريع لأن المصريين لن يفرطوا فى شبر واحد من أرضهم.
وكما يقول شيخ المجاهدين «عبدالله جهامة» فإن الحل الأمثل لمواجهة هذه المخططات التى تظهر وتختفى يتمثل فى إستراتيجية مختلفة لتعمير سيناء تدفع بأكثر من 2 مليون من مواطنى مصر إلى العيش فى سيناء، لأن الأرض الخلاء تغرى بالاختراق وكثيراً ما تكون موضع أطماع كثيرين وعندما سألت «عبدالله جهامة» ألا يتسبب ذلك فى غضب الأصليين، رد على الفور، هذا هو الفهم الخاطئ لأوضاع سيناء لأن غالبية أهل سيناء يعرفون أن العمران الحقيقى لسيناء لن يتم فى غيبة وجود كثافة سكانية تتشبث بالأرض والحياة هناك، وجميع أهل سيناء يعرف أن التعمير الحقيقى لابد أن يصاحبه هجرة سكانية مصرية من الوادى وهى موضع ترحيب الجميع، بعد أن شهدوا التطور الهائل للحياة والعمران على سواحل البحر الأحمر الذى عاد على أهل البلاد بالنفع العظيم ، ولهذه الأسباب تصبح هجرة 2 مليون من وادى النيل إلى سيناء أهم مشروعات مصر القومية الكبرى التى تنتج عائداً أمنياً واقتصادياً ضخماً لأن سيناء لاتزال صندوقاً مغلقاً لم يكشف بعد عن كل أسراره وثرواته.
وما من سبيل لتحقيق هذا الهدف سوى أن نسرع بعجلة التنمية فى سيناء لا يمنعنا عنها الحرب على الإرهاب خاصة أن سيناء تضم مساحات كبيرة من الأرض وسطها وشمالها، فضلاً عن الفراغ الهائل وسط سيناء حيث تتركز ثروة مصر المعدنية، ومنذ عشرات السنين والسيناويون يطالبون بمحافظة جديدة وسط سيناء ترعى تنمية قلب شبه الجزيرة، لكن الحكومة لاتزال تدرس وتدرس، رغم أن فوائد وجود محافظة جديدة فى الوسط أمر محقق ومؤكد يجعل الحياة أكثر تجانساً فى شبه الجزيرة خاصة أن مشروع ترعة السلام سوف ينتهى فى منطقة الوسط بعد أن تأجل وصول الترعة إلى منطقة السرو والقوارير شمالاً لارتفاع مستوى الأرض بما يزيد من كلفة عملية رفع المياه لهذه المستويات.
ويدخل ضمن متطلبات أمن سيناء بعد أن بات واضحاً الأثر المهم الذى نتج عن اشتراك القبائل فى حماية زمارها وتعاونها المشترك مع الجيش والأمن فى مطاردة الجماعات الإرهابية، ضرورة سرعة تقنين التجربة وإقامة حرس وطنى من شباب القبائل يعمل تحت إشراف القوات المسلحة فى حراسة حدود سيناء لأنهم يعرفون الأرض ويعرفون الناس والقبائل، ويشمون عن بعد رائحة أى غريب، فضلاً عن ولائهم العميق لمصر وحبهم الشديد لقواتها المسلحة.
وإذا كان هناك من يأتى إلى سيناء الا مكرها قلقاً على مصيره لأنه لا يعرف ولا يسأل، فإن هناك الآلاف الذين يريدون القدوم إلى سيناء للعمل والإقامة لأن لهم تجربة طويلة فى حب سيناء..، ويختم الشيخ «جهامة» حديثه متسائلاً لماذا لا نستعين فى إدارة سيناء بعشرات الخبرات المصرية التى ظلت تكافح التطرف وتم الاستغناء عن معظمها فى ظروف حكم جماعة الإخوان؟! ولماذا لا يكون هنا نائب مدنى من أهل سيناء لمحافظى الشمال والجنوب والوسط إن أدركت الحكومة الأهمية البالغة لوجود محافظة ثالثة فى شبه الجزيرة.